الفرض والنفل لم يقع لأحدهما ، كل ذلك محل تأمل ومنع.
أمّا مثاله الأخير ، فلأنه تختلف كل من الفرض والنفل عن الآخر ماهية من جهة اختلافهما في الآثار والأحكام ، فلا مورد للنقض بذلك كما لا يخفى.
وأمّا التداخل ، فقد ذكرنا في محلّه (١) أنّ الأصل في المسببات هو التداخل فيما لو أمر بعنوانين كان بينهما العموم من وجه كإكرام العالم والهاشمي ، فأكرم من يكون متّصفاً بالوصفين ، فإنّه قد امتثل كلا الأمرين ، ومن ثمّ التزمنا بالتداخل بين الغفيلة ونافلة المغرب.
والحاصل : أنّ العنوانين إذا لم يكونا متنافيين لا مانع من قصدهما معاً مع مراعاة الشرط المتقدم.
وأمّا تفكيك الماتن في الأجزاء المستحبة بين القرآن والذكر وغيرهما كجلسة الاستراحة ، فلا نعرف له وجهاً صحيحاً ، فإنّه إذا كان الوجه في إبطال مثل الجلسة لزوم الزيادة العمدية ولو باعتبار أنّ الأصل عدم التداخل ، وعدم كون فعل واحد مصداقاً لعنوانين ، فهذا الوجه بعينه يتمشّى في القرآن والذِّكر أيضاً ضرورة أنّه إذا لم يقع مصداقاً لشيء من العنوانين فلا محالة لا يكون مأموراً به فتقع زيادة في الصلاة ، حيث إنّ المفروض قصد جزئيّته ولو على نحو الاستحباب وإذا قلنا بعدم قادحية الضميمة وأنّ الأصل هو التداخل ، فالجلسة أيضاً لا بدّ من الالتزام بصحتها وعدم كونها مفسداً. فالتفكيك بينهما لا وجه له.
هذا ، ولكنّ التحقيق هو صحة هذا الجزء وعدم كونه مفسداً على الإطلاق من غير فرق بين الذكر والقرآن وغيرهما ، وذلك لما بيّناه في محلِّه (٢) من أنّه لا معنى للجزء المستحب ، فانّ مقتضى الجزئية هو تقوّم المركّب بهذا الشيء ، ومعنى
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ١٢٤.
(٢) مصباح الأُصول ٣ : ٣٠٠.