وأمّا إذا كانت الضميمة مباحة أو راجحة أو مكروهة ، كالاتيان بالصلاة بداعي الأمر وتعليم الغير تبرّعاً أو مع الأُجرة ، فإن كان داعي الضميمة تبعاً ، وداعي القربة مستقلا ، فلا إشكال في الصحة ، لعدم قادحية مثل هذه الضميمة التبعية بعد أن لم تكن مخلّة بقصد القربة الّذي هو المناط في صحة العبادة ، كما أنّه في فرض العكس لا ينبغي الشك في البطلان من جهة عدم تحقق القربة ، إذ المفروض أنّ الأمر الإلهي في نفسه لم يكن داعياً إلى الإتيان بالعبادة.
ومنه يعلم حكم ما إذا كانا معاً منضمّين محرّكين وداعيين ، فإنّه أيضاً تكون الصلاة باطلة من جهة الإخلال بقصد القربة.
وأمّا إذا كان كل واحد منهما مستقلا في الداعوية ، وسبباً تامّاً في عالم الاقتضاء وكافياً في تحقيق العمل منعزلاً عن الآخر ، وإن كان صدوره خارجاً مستنداً إليهما فعلاً ، لاستحالة صدور الواحد عن سببين مستقلين ، فالحق صحة العمل حينئذ ، لصحة استناده إلى أمر المولى بعد كونه في نفسه سبباً تامّاً في التأثير ، فإنّ ما دلّ على اعتبار القربة في العبادة لا يدل على أزيد من اعتبار كون العمل منبعثاً عن الداعي الإلهي ، وأمّا اعتبار عدم وجود محرّك آخر نحو العمل ، وخلوّه عن قصد آخر ، فالدليل المزبور قاصر عن إثباته.
كما أنّ ما دلّ على اعتبار الخلوص منصرف إلى ما يقابل الشرك في العبادة أعني الرياء ، كما أُشير إليه في بعض الأخبار (١) ولا أقل من عدم انعقاد إطلاق له بحيث يتناول سائر الضمائم كما لا يخفى. إذن فلا مانع من الصحة لا من ناحية الخلوص ولا من ناحية القربة.
بل كثيراً ما لا ينفك الرادع الإلهي عن مثل هذا القصد ، ألا ترى أنّ الوجيه والشريف بمقتضى مكانته وكرامته بين الناس لا يكاد يتناول المفطر في السوق
__________________
(١) الوسائل ١ : ٦١ / أبواب مقدمة العبادات ب ٨ ح ٩.