وأمّا المقام الثاني : فهل يجب الائتمام مع التمكن منه؟

يقع الكلام تارة في الوجوب التكليفي ، وأُخرى في الوجوب الوضعي.

أمّا الأوّل : فقد احتاط فيه في المتن وإن لم يصرّح بالتكليفي وقد جزم قدس‌سره به في أوائل أحكام الجماعة ، حيث ذكر أنّها مستحبة لكنها تجب في موارد وعدّ المقام فيها.

وربما يقال : بعدم الوجوب ، استناداً إلى أصالة البراءة ، بناءً على أنّ الائتمام مسقط كما هو الصحيح لا أنّه عدل للواجب التخييري ، فإنّ الأمر بالقراءة ساقط ولو بالتعذر المستند إلى التقصير ، وإيجاب المسقط يحتاج إلى الدليل وحيث لا دليل فيدفع بأصالة البراءة ، ويقتصر على المقدار الممكن.

وربما يستدل عليه أيضاً : بصحيحة عبد الله بن سنان قال : « قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ الله فرض من الصلاة الركوع والسجود ، ألا ترى لو أنّ رجلاً دخل في الإسلام لا يحسن أن يقرأ القرآن أجزأه أن يكبّر ويسبّح ويصلي » (١) حيث إنّ مقتضى إطلاقها أنّ غير المتمكن من القراءة يجزئه التسبيح وإن كان متمكناً من الائتمام ، فيظهر أنّ القراءة ليست من المقوّمات وإنّما المقوّم للصلاة الركوع والسجود كما صرّح بهما في صدر الصحيحة ، وكذا الطهور كما يظهر من بعض الأخبار.

والجواب : أمّا عن الصحيحة ، فبأنّ القراءة وإن لم تكن مقوّمة لكنها من أجزاء الصلاة وواجبة مع التمكن بلا إشكال ، لقوله عليه‌السلام « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » (٢) ، والمفروض في المقام التمكن من تعلمها فتجب لا محالة ، غير أنّ المكلف فوّتها على نفسه بتقصيره وسوء اختياره فكيف تشمله هذه الصحيحة‌

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٤٢ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٣ ح ١.

(٢) عوالي اللآلي ١ : ١٩٦ / ٢ ، المستدرك ٤ : ١٥٨ / أبواب القراءة في الصلاة ب ١ ح ٥.

۵۲۴