السورتين ، وإلاّ فيندرج المقام في باب الدوران بين المحذورين ، إذ بعد قراءة الفيل مثلاً يدور أمر الإيلاف بين الوجوب لو كانتا سورة واحدة ، والحرمة لو كانتا سورتين ، وفي مثله يتعذر الاحتياط ، فاللازم على هذا المبنى اختيار سورة أُخرى من أوّل الأمر ، وإن كان لو قرأ الفيل يخيّر بين ضم الإيلاف وعدمه كما هو مقتضى القاعدة في الدوران بين المحذورين ، إلاّ أنّ الاجتزاء بمثل هذه الصلاة لا يخلو عن الاشكال كما لا يخفى. والذي يهوّن الخطب أنّ المبنى فاسد كما عرفت وستعرف تفصيله إن شاء الله تعالى.
الجهة الثالثة : بعد ما عرفت من وجوب الجمع بين السورتين عملاً بقاعدة الاشتغال ، فهل يجب الفصل بينهما بالبسملة كما اختاره في المتن أو يؤتى بهما موصولة؟
فيه خلاف بين الاعلام ، بل ربما ينسب الثاني إلى الأكثر ، بل عن التهذيب : عندنا لا يفصل بينهما بالبسملة (١) ، وعن التبيان ومجمع البيان أنّ الأصحاب لا يفصلون بينهما بها (٢).
وكيف كان ، فربما يستدل للأوّل بثبوتها في المصاحف المعروفة عند المسلمين من صدر الإسلام.
وفيه : أنّ الثبوت فيها لا يدل على الجزئية ، ولذا ترى أنّ أكثر أصحاب المصاحف مع بنائهم على عدم جزئية البسملة يثبتونها في كل سورة.
وربما يستدل للثاني : بالفقه الرضوي (٣) ، وبما روي من سقوطها عن مصحف ابيّ بن كعب (٤).
__________________
(١) لم نجده في التهذيب وإنما هو في الاستبصار ١ : ٣١٧.
(٢) التبيان ١٠ : ٣٧١ ، مجمع البيان ١٠ : ٧٦٩.
(٣) فقه الرضا عليهالسلام : ١١٣.
(٤) مجمع البيان ١٠ : ٨٢٧.