التخيير واقعاً ، فانّ هذا الاحتمال يتطرّق في المقام بالوجدان من غير دافع. ومعه فلا علم بإحدى الخصوصيتين كي يجب الاحتياط بالتكرار ، بل تدفع كل منهما بأصالة البراءة ، فيكون مقتضى القاعدة هو التخيير ، لاندراج المقام في باب الدوران بين التعيين والتخيير ، والمختار فيه هو البراءة ، لرجوعه في الحقيقة إلى الشك بين الأقل والأكثر الارتباطيين كما مرّ مراراً ، فينبغي إذن ابتناء المسألة على الخلاف في أنّ الأصل الجاري في هذا الباب هل هو البراءة أو الاشتغال وقد عرفت أنّ الأوّل هو الصواب.

هذا ، ولشيخنا الأُستاذ قدس‌سره تعليقتان متهافتتان ، فحكم في تعليقته الأنيقة على المقام بتقديم القيام ، وقد تقدم عين الفرع في مبحث المكان ، وعلّق قدس‌سره ثمة بتقديم الركوع والسجود ، ونظره الشريف هنا بالترجيح بالسبق الزماني الذي هو من أحد المرجّحات في التدريجيات ، كمن دار أمره بين ترك الصوم في اليوم الأوّل من شهر رمضان أو الثاني ، فإنّ السابق متقدّم بلا إشكال ونظره قدس‌سره هناك بالترجيح بالأهمية ، حيث إنّ الركوع والسجود أهم من القيام كما يظهر من حديث التثليث ، قال عليه‌السلام : « الصلاة ثلاثة أثلاث : ثلث طهور وثلث ركوع وثلث سجود » (١).

وهذا منه قدس‌سره مبني على إدراج المقام في باب التزاحم كي يراعى مرجحات هذا الباب ، وقد مرّ غير مرّة في مطاوي هذا الشرح أنّ المقام وأمثاله أجنبي عن هذا الباب ، لاختصاصه بالتكليفين المستقلين ، وليس في المقام إلاّ تكليف وحداني متعلِّق بالمركّب ، بل هو داخل في باب التعارض ، إذ بعد سقوط ذاك التكليف بالعجز علمنا من دليل عدم سقوط الصلاة بحال ، تعلّق تكليف جديد بالباقي من الأجزاء الممكنة ، وحيث إنّ متعلقه مجهول مردد بين المؤلّف‌

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٣١٠ / أبواب الركوع ب ٩ ح ١.

۵۲۴