قام فليمض ، كل شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه » (١) وتقريب الاستدلال بها على عدم كفاية الدخول في الهوي من وجهين :
أحدهما : من ناحية المفهوم ، لا من حيث مفهوم الشرط ، ضرورة أنّ مفهوم القضية الشرطية عدم الشك في الركوع بعد ما سجد ، لا الشك في الركوع قبل أن يسجد الذي هو المطلوب كما لا يخفى ، بل من حيث مفهوم الوصف ، حيث قيّد عدم الاعتناء بالشك في الركوع بما إذا كان ذلك بعد الدخول في السجود وقد ذكرنا في الأُصول (٢) أنّ الوصف وإن لم يكن له مفهوم بالمعنى المصطلح أعني العلية المنحصرة المساوقة للانتفاء عند الانتفاء ، لكنّها تدل على أصل العلية أعني عدم كون الطبيعة على إطلاقها وسريانها موضوعاً للحكم ، وإلاّ كان التقييد بالوصف لغواً محضاً ، فالتقييد في المقام يدل على أنّ طبيعي الشك في الركوع أينما سرى وحيثما تحقق ولو كان في حال الهوي ليس موضوعاً لعدم الاعتناء (٣) وإلاّ كان التقييد بما بعد السجود لغواً وهذا هو المطلوب فتدبّر جيداً.
ثانيهما : قوله عليهالسلام في ذيل الصحيحة : « كل شيء شك فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه » حيث طبّق عليهالسلام هذه الكبرى على ما ذكره في الصدر ، من الشك في الركوع بعد ما سجد ، والشك في السجود
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٣١٧ / أبواب الركوع ب ١٣ ح ٤.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ١٣٣.
(٣) نعم ، لم يكن الطبيعي موضوعاً ، لكن يكفي في صدقه لزوم الاعتناء لو كان الشك قبل الهوي ، وأمّا بعده فلا يدل المفهوم عليه. وبعبارة اخرى : الشك في الركوع تارةً يكون قبل الهوي ، وأُخرى حاله ، وثالثة بعد الدخول في السجود ، والتقييد بالسجود لا يكشف إلا عن عدم كون طبيعي الشك موضوعاً للحكم بالمضي ، وأمّا أنّ الشك حال الهوي هل هو ملحق بالشك حال السجود أو بالشك قبل الهوي ، فالرواية ساكتة والمفهوم لا يعيّن ذلك بوجه.