إنّما الكلام فيما إذا كان الشك المذكور بعد الدخول في الجزء المستحب من الاستعاذة أو دعاء التوجه ، فانّ في جريان القاعدة حينئذ خلافاً تعرّضنا له ولتحقيق الحال فيه في الأُصول (١) وملخّصه :
أنّه قد اعتبر في لسان أخبار الباب عنوان الدخول في الغير ، فهل المراد به مطلق ما كان مغايراً للمشكوك وإن لم يكن مترتباً عليه كالفعل العادي أو مطلق الذكر والدعاء والقرآن ، أو المراد خصوص ما كان مترتباً؟ وعلى الثاني فهل يختص الجزء المترتب بما كان مسانخاً للمشكوك فيه في الوجوب أو يعمّه وغير المسانخ؟
وجوه ، بل أقوال. فعلى الأوّل والأخير تجري القاعدة في المقام دون الثاني.
لكن لا سبيل إلى الأوّل ، لأنّ المأخوذ في الأخبار عنوان الدخول في الغير المستلزم للخروج عن المشكوك فيه ، وحيث لا معنى للخروج عن نفسه للشك في أصله ، فلا محالة يراد به الخروج عن محله المتوقف على الدخول فيما هو مترتب عليه ، وإلاّ فمجرد الإتيان بغيرٍ لا ترتب بينه وبين المشكوك فيه لا يحقق عنوان التجاوز عن المحل بالضرورة ، فعنوان الدخول والخروج يستدعيان اختصاص الغير بما يكون مترتّباً.
ومن هنا ذكرنا في محلّه (٢) أنّه لو قام إلى الركعة الثالثة وشكّ في الإتيان بالسجدتين مع تذكره حينئذ فوت التشهد لا تجري القاعدة فيهما ، فانّ الشك المزبور وإن كان بعد الدخول في الغير وهو القيام إلاّ أنّ هذا القيام لأجل وقوعه على صفة الزيادة من جهة ترك التشهد المستلزم لهدمه وتداركه ، لا يكون مترتباً على المشكوك فيه ، لعدم كونه مصداقاً للمأمور به. نعم ، بناءً على القول
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٣٠٠.
(٢) في شرح المسألة [٢١٥٠].