أقول : أمّا الأوّل ، فظاهر الوجه ، إذ بعد أن كانت الحقيقة واحدة وهي صلاة الفجر مثلاً ، وكان لها أمر واحد على الفرض ، فتخيّل المصلي أنّه استحبابي فبان أنّه وجوبي ، أو أنّه أدائي فبان أنّه قضائي أو بالعكس ، الراجع إلى الاشتباه في خصوصية من صفات الأمر أو المأمور به ، لا مدخل له في صحة العبادة بعد اشتمالها على تمام ما هو المقوّم لها من ذات العمل مع قصد التقرّب كما هو المفروض وهذا واضح.
وأمّا الثاني ، فغير واضح ، بل في حيّز المنع ، فانّ مستند البطلان هو أنّ المصلي بعد أن قيّد عمله بالخصوصية التي زعمها بحيث لو علم بفقدها لم يعمل لا أنّه يعمل على كل تقدير ، غايته أنّه اشتبه في التطبيق كما في الصورة السابقة فهو في الحقيقة فاقد للنيّة بالإضافة إلى ما صدر منه لاندراجه في كبرى : ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد.
ولكنه كما ترى ، لامتناع التقييد في أمثال المقام حسبما تكررت الإشارة إليه في مطاوي هذا الشرح ، ضرورة أنّه إنّما يتصور فيما هو قابل للتقييد كالمطلقات والكليات التي هي ذات حصص وأصناف ، كبيع منّ من الحنطة القابل للتقييد بكونها من المزرعة الفلانية.
وأمّا الجزئي الحقيقي والموجود الخارجي كما في المقام فإنّه لا سعة فيه ليقبل التضييق والتقييد ، فلو اعتقد أنّ زيداً صديقه فأكرمه فبان أنّه عدوّه ، أو أنّ المال الفلاني يترقى فاشتراه ليربح فتنزّل ، أو أنّ من في المحراب زيد فبان أنّه عمرو وهو لا يريد الاقتداء به وإن كان عادلاً فهذه الأفعال من الإكرام والشراء والاقتداء ومنها الصلاة في محل الكلام ، صادرة منه بالضرورة ، وهي جزئيات خارجية لا يعقل فيها التقييد ، فانّ الفاعل وإن كان بحيث لو علم بالخلاف لم يفعل إلاّ أنّه بالأخرة فَعَل وصدر منه العمل ، وهذا العمل الصادر جزئي حقيقي لا إطلاق فيه ليقبل التقييد. فلا جرم يكون التقييد المزعوم من