والثاني ، مثل : ما إذا ثبت رطوبة ثوب في زمان ، ففي ما بعد ذلك الزمان يجب الحكم برطوبته ما لم يعلم الجفاف.

فذهب بعضهم إلى حجّيّته بقسميه ، وذهب بعضهم إلى حجّيّة القسم الأوّل (١). واستدلّ كلّ من الفريقين بدلائل مذكورة في محلّها ، كلّها قاصرة عن إفادة المرام ، كما يظهر بالتأمّل فيها. ولم نتعرّض لذكرها هنا ، بل نشير إلى ما هو الظاهر عندنا في هذا الباب ، فنقول :

إنّ الاستصحاب بهذا المعنى لا حجّيّة فيه أصلا بكلا قسميه ؛ إذ لا دليل عليه تامّا ، لا عقلا ولا نقلا. نعم ، الظاهر حجّيّة الاستصحاب بمعنى آخر : وهو أن يكون دليل شرعيّ على أنّ الحكم الفلانيّ بعد تحقّقه ثابت إلى زمان حدوث حال كذا أو وقت كذا ـ مثلا ـ معيّن في الواقع ، بلا اشتراطه بشيء أصلا ، فحينئذ إذا حصل ذلك الحكم فيلزم الحكم باستمراره إلى أن يعلم وجود ما جعل مزيلا له ، ولا يحكم بنفيه بمجرّد الشكّ في وجوده.

والدليل على حجّيّته أمران :

الأوّل : أنّ هذا الحكم إمّا وضعيّ ، أو اقتضائيّ ، أو تخييريّ ، ولمّا كان الأوّل عند التحقيق يرجع إليهما فينحصر في الأخيرين.

وعلى التقديرين فيثبت ما رمناه (٢) :

أمّا على الأوّل ، فلأنّه إذا كان أمر أو نهي بفعل إلى غاية معيّنة ـ مثلا ـ فعند الشكّ في حدوث تلك الغاية ، لو لم يمتثل التكليف المذكور

__________________

(١) في المصدر زيادة : «فقط».

(٢) في (ر) ومصحّحة (ص) بدل «رمناه» : «ادّعيناه» ، وفي المصدر : «ذكرنا».

۴۳۹۱