ويمكن عوده إلى اللّٰه تعالى؛ لأنّ إخبار النبيّ صلىاللهعليهوآله بذلك مستندٌ إلى الوحي الإلهي؛ لأنّه (وَمٰا يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوىٰ * إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ) (١) وهو الظاهر من قوله : ﴿ وجعلهم قدوةً لاُولي الألباب ﴾ فإنّ جاعل ذلك هو اللّٰه تعالى ، مع جواز أن يراد به النبيّ صلىاللهعليهوآله أيضاً. والألباب : العقول. وخصّ ذويهم؛ لأنّهم المنتفعون بالعبر المقتفون لسديد الأثر.
﴿ صلاةً دائمةً بدوام الأحقاب ﴾ جمع «حُقُب» بضمّ الحاء والقاف ، وهو الدهر ، ومنه قوله تعالى : (أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) (٢) أي : دائمةً بدوام الدهور. وأمّا «الحُقْب» بضمّ الحاء وسكون القاف ـ وهو ثمانون سنة ـ فجمعه «حِقاب» بالكسر ، مثل قُفٍّ وقِفاف ، نصّ عليه الجوهري (٣).
﴿ أمّا بعد ﴾ الحمد والصلاة ، و «أمّا» كلمةٌ فيها معنى الشرط؛ ولهذا كانت الفاء لازمةً في جوابها ، والتقدير : «مهما يكن من شيءٍ بعد الحمد والصلاة فهو كذا» فوقعت كلمة «أمّا» موقع اسمٍ هو المبتدأ وفعلٍ هو الشرط ، وتضمّنت معناهما ، فلزمها لصوق الاسم اللازم للمبتدأ للأوّل؛ إبقاءً له بحسب الإمكان ، ولزمها الفاء للثاني. و «بعد» ظرفٌ زمانيّ (٤) وكثيراً ما يحذف منه المضاف إليه ويُنوى معناه ، فيبنى على الضمّ.
﴿ فهذه ﴾ إشارةٌ إلى العبارات الذهنيّة التي يريد كتابتها إن كان وضع الخطبة قبل التصنيف ، أو كَتَبها إن كان بعده ، نزّلها منزلة الشخص المشاهَد
____________________
(١) النجم : ٣ و ٤.
(٢) الكهف : ٦٠.
(٣) الصحاح ١ : ١١٤ ، (حقب).
(٤) في (ر) : ظرف زمان.