إلهٍ سوى اللّٰه مع الدلالة على وجوده تعالى وإن لم تدلّ عليه لغةً.

﴿ وحده لا شريك له تأكيدٌ لما قد استفيد من التوحيد الخالص ، حَسُنَ ذكره في هذا المقام لمزيد الاهتمام.

﴿ وأشهد أنّ محمّداً نبيٌّ أرسله قرن الشهادة بالرسالة بشهادة التوحيد؛ لأ نّها بمنزلة الباب لها ، وقد شرّف اللّٰه نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله بكونه لا يُذكر إلّا ويذكر معه.

وذكر الشهادتين في الخطبة؛ لما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أنّ «كلّ خطبةٍ ليس فيها تشهّدٌ فهي كاليد الجذماء» (١).

و «محمّد» عَلَمٌ منقول من اسم المفعول المضعّف ، وسمّي به نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله إلهاماً من اللّٰه تعالى وتفاؤلاً بأ نّه يَكثر حمدُ الخلق له لكثرة خصاله الحميدة. وقد قيل لجدّه عبد المطّلب ـ وقد سمّاه في يوم سابع ولادته ، لموت أبيه قبلها ـ : لِمَ سمّيت ابنك محمّداً وليس من أسماء آبائك ولا قومك؟ فقال : «رجوتُ أن يُحمد في السماء والأرض» (٢) وقد حقّق اللّٰه رجاءه.

و «النبيء» بالهمز من «النبأ» وهو الخبر؛ لأنّ النبيّ مخبرٌ عن اللّٰه تعالى. وبلا همز ـ وهو الأكثر ـ إمّا تخفيفاً من المهموز بقلب همزته ياءً ، أو أنّ أصله من «النَّبْوة» ـ بفتح النون وسكون الباء ـ أي الرفعة؛ لأنّ النبيّ مرفوع الرتبة على غيره من الخلق.

ونبّه بقوله : «أرسله» على جمعه بين النبوّة والرسالة. والأوّل أعمّ مطلقاً؛ لأ نّه إنسانٌ اُوحي إليه بشرعٍ وإن لم يؤمر بتبليغه ، فإن اُمر بذلك فرسولٌ أيضاً. أو اُمر بتبليغه وإن لم يكن له كتاب أو نسخٌ لبعض شرع مَنْ قبله ـ كيوشع عليه‌السلام ـ

____________________

(١) سنن أبي داود ٤ : ٢٦١ ، الحديث ٤٨٤١.

(٢) راجع السيرة الحلبيّة ١ : ١٢٨ ، وفيه بدل «رجوت» : أردت.

۵۹۲۱