في ١٣ شوّال سنة ٩١١ ه ، بقرية جبع من قرى جبل عامل في لبنان (١) في بيت سادة العلم والتقوى عدّة قرون قبل ولادته وبعدها.
قرأ علوم اللغة والأدب العربي والفقه على والده إلى أن توفّي سنة ٩٢٥ ه (٢) ، ثمّ انتقل إلى ميس ليتمّ دراسته عند الشيخ علي بن عبد العالي الكركي قدسسره. ثمّ غادرها إلى كرك نوح ، ثمّ رجع إلى موطنه ، ثمّ غادره إلى دمشق ، ثمّ عاد إلى موطنه ، وهكذا كانت له رحلات إلى مصر ، ومكّة المكرّمة ، والمدينة المنوّرة ، والقسطنطينيّة ، والعتبات المقدّسة في العراق (٣).
والتقى العلماء في كلّ هذه المواطن وشاهد منهم التكريم والحفاوة البالغة ، وتعرّف المناهج الدراسيّة السائدة فيها؛ ولذلك كلّه وغيره امتاز الشهيد الثاني بكونه موسوعيّاً في دراسته ، استوعب كثيراً من معارف عصره وثقافته ، كالأدب العربي ، والفقه ، والاُصول ، والفلسفة ، والتفسير ، والرياضيّات ، وغيرها (٤).
وكانت له إحاطة كاملة بسائر المذاهب الإسلاميّة ، بل كان يدرّسها في بعلبك بعد رجوعه من القسطنطينيّة (٥).
كلّ ذلك كان سبباً في امتياز الشهيد الثاني بالعمق في الفكرة والوضوح في التعبير ، والسلاسة في صياغة الألفاظ ، وحسن السليقة في التبويب ، مضافاً إلى التنوّع في كتاباته ومؤلّفاته ، مع ما كان عليه من الخوف والقلق من سفك دمه على
____________________
(١) اُنظر أمل الآمل ١ : ٨٨.
(٢) اُنظر أمل الآمل ١ : ٨٨ ، نقلاً عن رسالة ـ تلميذه ـ ابن العودي.
(٣) اُنظر أمل الآمل ١ : ٨٩.
(٤) اُنظر أمل الآمل ١ : ٨٨.
(٥) أمل الآمل ١ : ٨٩ ، نقلاً عن رسالة ابن العودي.