وهذه العلامة ورد بها النصّ خاصّة علامةً للكوفة وما ناسبها (١) وهي موافقة للقواعد المستنبطة من الهيئة وغيرها (٢) فالعمل بها متعيّنٌ في أوساط العراق ـ مضافاً إلى الكوفة ـ كبغداد والمشهدين والحِلّة.
وأمّا العلامة الاُولى : فإن اُريد فيها بالمغرب والمشرق الاعتداليّان ، كما صرّح به المصنّف في البيان (٣) أو الجهتان اصطلاحاً ـ وهما المقاطعتان لجهتي الجنوب والشمال بخطّين بحيث يحدث عنهما زوايا قوائم ـ كانت مخالفة للثانية كثيراً؛ لأنّ الجَدي حال استقامته يكون على دائرة نصف النهار المارّة بنقطتي الجنوب والشمال ، فجعلُ المشرق والمغرب على الوجه السابق على اليمين واليسار يوجب جعل الجَدي بين الكتفين قضيّةً للتقاطع ، فإذا اعتُبر كون الجدي خَلْفَ المنكب الأيمن لزم الانحراف بالوجه عن نقطة الجنوب نحو المغرب كثيراً ، فينحرف بواسطته الأيمنُ عن المغرب نحوَ الشمال والأيسرُ عن المشرق نحوَ الجنوب ، فلا يصحّ جعلهُما معاً علامةً لجهةٍ واحدة. إلّا أن يُدّعى اغتفارُ هذا التفاوت ، وهو بعيدٌ خصوصاً مع مخالفة العلامة للنصّ (٤) والاعتبار ، فهي إمّا فاسدة
____________________
(١) ليس في النصوص التصريح بأنّ «الجدي» علامة للكوفة وما ناسبها ، كما وأنّ بيانها في كيفيّة الوضع متفاوت ، ففي بعضها «ضع الجدي في قفاك» وفي الاُخرى «اجعله على يمينك» راجع الوسائل ٣ : ٢٢٢ ، الباب ٥ من أبواب القبلة.
(٢) كأ نّه أشار بذلك إلى ما ذكروه : من أنّ محراب مسجد الكوفة نصبه أمير المؤمنين صلوات اللّٰه عليه ولم يتغيّر عن وضعه إلى الآن وأ نّه موافق لجعل الجدي خلف المنكب ، الحواشي للمحقّق الخوانساري : ١٧٤.
(٣) البيان : ١١٤.
(٤) وهو النصّ الوارد في جعل الجدي خلف المنكب الأيمن.