ورواها الكليني والشيخ أيضاً مرسلاً (١) ، فإنّه من البديهي عدم كون الأمر بالقطع للوجوب ، بل لمجرّد الترخيص ، ومقتضى تعليقه على الضرورة بمقتضى القضيّة الشرطية عدم الجواز بدونها.
وفيه : أنّ القضيّة مسوقة لبيان تحقّق الموضوع فلا مفهوم لها ، إذ الشرط هو الكون في الفريضة ، وعدم القطع لدى انتفائه من باب السالبة بانتفاء الموضوع كما أنّ الجزاء هو القطع لاتباع الغلام أو الغريم أو قتل الحيّة لا مطلق القطع فاذا كان في الصلاة ولم يكن شيء من ذلك فانتفاء الجزاء حينئذ أيضاً كذلك أي سالبة بانتفاء الموضوع فلم ينعقد مفهوم لهذه القضيّة بوجه (٢).
ومنه تعرف الجواب عن موثقة سماعة قال : «سألته عن الرجل يكون قائماً في الصلاة الفريضة فينسى كيسه أو متاعاً يتخوّف ضيعته أو هلاكه ، قال : يقطع صلاته ويحرز متاعه ثمّ يستقبل الصلاة ، قلت فيكون في الفريضة فتغلب عليه دابة أو تغلب دابته فيخاف أن تذهب أو يصيب فيها عنت ، فقال : لا بأس بأن يقطع صلاته ويتحرّز ويعود إلى صلاته» (٣).
على أنّه يمكن أن يراد بالقطع هنا مجرّد رفع اليد موقتاً بقرينة قوله عليهالسلام في الذيل «ويعود إلى صلاته» فتكون حينئذ أجنبية عمّا نحن فيه ، ولكن يأباه التعبير بالاستقبال في صدر الموثقة.
والمتحصِّل من جميع ما مرّ : ضعف هذه الوجوه بالأسر ، ما عدا الإجماع
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٦٧ / ٥ ، التهذيب ٢ : ٣٣١ / ١٣٦١.
(٢) أضف إلى ذلك : أنّ الرواية حيث لا يحتمل تعدّدها بأن يرويها حريز تارة عن أبي عبد الله عليهالسلام بلا واسطة كما في الفقيه ، وأُخرى معها كما في الكافي والتهذيب ، فلا جرم يتطرّق فيها احتمال الإرسال فتسقط عن صلاحية الاستدلال.
(٣) الوسائل ٧ : ٢٧٧ / أبواب قواطع الصلاة ب ٢١ ح ٢. وفي المصدر : فتفلت بدل فتغلب.