لا تتحقّق به التحيّة المتقوّم بها مفهوم التسليم ، لأنّه لم يقصد به التخاطب مع الغير ، بل قراءة القرآن محضاً كما هو المفروض.
وأُخرى : يجمع بين قراءة القرآن وإنشاء التحيّة مثلاً ، بأن ينشئ التحيّة بنفس اللفظ المستعمل في ألفاظ القرآن.
ودعوى : أنّ قراءة القرآن متقوّمة بقصد الحكاية المقتضية لاستعمال اللفظ في معنى خاص وهو الّذي نزل به الروح الأمين على النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله فلا يمكن استعماله في معنى آخر كإنشاء التحيّة ،
مدفوعة : بما تقدّم في مبحث القراءة من عدم التنافي بين الأمرين ، وجواز تطبيق اللفظ المستعمل في القرآن على معنى آخر كما في الشعر والخطابة ونحوهما ، هذا.
ولكن الظاهر مع ذلك بطلان الصلاة بذلك ، لعدم خروجه عن كونه تكلّماً وتخاطباً مع الغير ومصداقاً لكلام الآدميين ، نظراً إلى أنّ المستثنى لم يكن هو مطلق قراءة القرآن حتّى إذا قصد به غير المعنى الّذي قصده منه الله (عزّ وجلّ) حيث إنّه تعالى أراد في مثل قوله ﴿ادْخُلُوها بِسَلامٍ﴾ دخول الجنّة ، فإذا أُريد به دخول الدار أو الغرفة مثلاً ، كان من كلام الآدميين الموجب للبطلان.
وإن شئت قلت هذا من مجمع العنوانين ، وعدم البأس من ناحية القراءة لا ينافي البأس من ناحية التخاطب مع الغير ، لما عرفت من أنّ ما لا يقتضي البطلان لا يزاحم ما يقتضيه. فحال هذه الصورة حال التحيّة بقصد الدُّعاء المحكومة بالبطلان على ما تقدّم.