البدن فإنّه كما عرفت انحراف لا التفات ، وهو عربي عارف باللغة فكيف يخفى عليه مثل ذلك.
ثانيتهما : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام قال : «سألته عن الرجل يكون في صلاته فيظن أنّ ثوبه قد انخرق أو أصابه شيء هل يصلح له أن ينظر فيه أو يمسّه؟ قال : إن كان في مقدّم ثوبه أو جانبيه فلا بأس ، وإن كان في مؤخّره فلا يلتفت فإنّه لا يصلح» (١) بدعوى أنّ النظر إلى الخرق الكائن في مؤخّر الثوب لا يكون إلّا بالالتفات إلى الخلف.
وتندفع : بمنع الملازمة ، لجواز تحويل المؤخّر إلى الإمام والنظر فيه ، بل لعلّ العادة جارية على ذلك ، فانّ الغالب لدى إرادة النظر إدارة المؤخّر إلى القدام لا صرف الوجه إلى الوراء على وجه يخرج عن حالة الاستقبال.
نعم ، بما أنّ هذه العملية أثناء الصلاة تستلزم نوعاً من انشغال القلب وانصراف الذهن عن التوجّه المرغوب فيه ، فلا جرم يكون النهي محمولاً على الكراهة. ويرشدك إلى ذلك عطف المس على النظر فانّ من الضروري عدم استلزام المس للالتفات أصلاً. وهذا خير دليل على أنّ النهي عنهما من باب واحد وهو ما عرفت من انشغال الذهن عن العبادة المحمول على الكراهة.
والمتحصِّل من جميع ما قدّمناه : أنّ الالتفات بالوجه إلى الخلف غير ممكن ، وإلى اليمين أو اليسار مع كونه فاحشاً بحيث يرى من خلفه مبطل ، لمنافاته مع تولِّي الوجه نحو المسجد الحرام المأمور به في قوله تعالى ﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ*﴾ (٢) مضافاً إلى النصوص المتقدِّمة ، ولا بأس بغير الفاحش منه وإن كان مكروهاً ، لصحيحة عبد الملك ، إلّا إذا أوجب الخروج عن الاستقبال
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٢٤٥ / أبواب قواطع الصلاة ب ٣ ح ٤.
(٢) البقرة ٢ : ١٤٤.