ومنها : ما رواه الشيخ بإسناده عن عبد الملك قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الالتفات في الصلاة أيقطع الصلاة؟ فقال : لا ، وما أُحبّ أن يفعل» (١).

وهي وإن دلّت على الجواز عن كراهة لكنّها محمولة على الالتفات غير الفاحش بقرينة ما سبق.

والمتحصِّل من هذه النصوص بطلان الصلاة بصرف الوجه يمنة أو يسرة شريطة كونه فاحشاً ، وعدم البأس بغير الفاحش منه وإن كان مكروهاً.

بقي الكلام في روايتين استدلّ بهما من خصّ البطلان بالالتفات إلى الخلف كالمحقِّق في الشرائع.

إحداهما : ما رواه في السرائر عن جامع البزنطي صاحب الرِّضا عليه‌السلام قال : «سألته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ قال : إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلّى ولا يعتد به ، وإن كانت نافلة لا يقطع ذلك صلاته ولكن لا يعود» (٢).

ولكنّها مضافاً إلى ضعف السند ، لجهالة طريق ابن إدريس إلى كتاب الجامع كما مرّ غير مرّة ، قاصرة الدلالة لما عرفته في تفسير الالتفات من أنّه لغة وعرفاً عبارة عن صرف الوجه مع بقاء البدن مستقبلاً ، وحيث إنّ هذا الصرف متعذِّر إلى الخلف في الإنسان وإن أمكن في بعض الحيوانات ، اللهمّ إلّا بصرف البدن أيضاً فيكون انحرافاً لا التفاتاً ، فلا جرم يراد به الالتفات الفاحش بحيث يرى من خلفه فيتّحد مفادها مع النصوص المتقدِّمة ، هذا.

والظاهر أنّ مراد المحقِّق أيضاً من الالتفات إلى الوراء هو ذلك ، أي صرف الوجه على نحو يرى ما خلفه المساوق للالتفات الفاحش لا الاستدبار بمقاديم

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٢٤٥ / أبواب قواطع الصلاة ب ٣ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٠٠ / ٧٨٤.

(٢) الوسائل ٧ : ٢٤٦ / أبواب قواطع الصلاة ب ٣ ح ٨ ، السرائر ٣ (المستطرفات) : ٥٧٢.

۵۵۳