والظاهر انحصار الرواية الصحيحة في المقام بهذه الصحيحة التي رواها كل من الكليني والصدوق (١) بطريق معتبر ، فما يظهر من صاحب الحدائق (٢) من عدم الانحصار تارة ، ومن رواية المشايخ الثلاثة لها اخرى ، غير واضح لعدم رواية الشيخ لهذه الصحيحة كما نبّه عليه المعلِّق.

وكيف ما كان ، فهي بالرغم من قوّة السند وظهور الدلالة لم يكن بدّ من رفع اليد عنها وحملها على الاستحباب لقرائن تستوجب ذلك وعمدتها ما تكرّرت الإشارة إليه في مطاوي هذا الشرح من أنّ المسألة كثيرة الدوران ومحل لابتلاء عامّة الناس ، ولعلّه في كل يوم عدّة مرّات ، فلو كان الوجوب ثابتاً مع هذه الحالة لأصبح واضحاً جليّا بل يعرفه حتّى النِّساء والصبيان فكيف خفي على جل الفقهاء بحيث لم يذهب إلى الوجوب إلّا نفر يسير ممّن عرفت ، بل لم ينسب إلى القدماء ما عدا الصدوق كما سمعت.

على أنّ السيرة العملية بين المسلمين قد استقرت على عدم الالتزام بالصلاة عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذكره في القرآن والأدعية والزيارات والروايات والأذان والإقامة وما شاكلها. ولم ترد ولا رواية واحدة تدل على أنّ بلالاً كان يصلِّي عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذكره أو أنّ المسلمين كانوا يصلّون عليه لدى سماع أذانه أو عند ذكره في حياته.

ومن جميع ما ذكرناه تعرف أنّ ما ذكره في الحدائق من أنّ الوجوب في المقام من الواضحات التي لا تعتريها غشاوة الأوهام وأنّ المنكر مكابر صرف ، ممّا لا أساس له.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٠٣ / ٧ ، الفقيه ١ : ١٨٤ / ٨٧٥.

(٢) الحدائق ٨ : ٤٦٢ ، ٤٦٣.

۵۵۳