الركعة الأُولى بعد القراءة» (١) فإنّها ظاهرة في كفاية قنوت واحد في الركعة الأُولى كما أنّها منصرفة إلى الإمام ، بل بعضها صريحة فيه.
ويندفع : بعدم دلالة شيء من هذه الأخبار على نفي القنوت الثاني ، لعدم كونها في مقام الحصر ، بل غايته الظهور الإطلاقي في كفاية الواحدة. ومقتضى قانون الإطلاق والتقييد لزوم رفع اليد عنه وتقييده بالنصوص المتقدِّمة المصرّحة بوجود قنوت آخر في الركعة الثانية بعد الركوع بعد كونها سليمة عن المعارض. فهذا القول كسابقه ضعيف.
ومنه تعرف ضعف القول الرابع أيضاً ، الّذي ذهب إليه الصدوق وابن إدريس ، إذ ليت شعري ما هو الموجب للتخصيص بالركعة الثانية مع صراحة النصوص المتقدِّمة في التعدّد ، بل إنّ ذلك موجب لطرح النصوص المشار إليها آنفاً المصرّحة بالثبوت في الركعة الاولى من غير مسوّغ.
وعلى الجملة : ففتوى الصدوق كفتوى المفيد في التخصيص بإحدى الركعتين غير ظاهرة الوجه بعد ورود النصوص الصحيحة المتظافرة الصريحة في الجميع.
وأمّا ابن إدريس فقد اعتذر عنه بعدم العمل بأخبار الآحاد ، وهو كما ترى ضرورة أنّ نصوص الباب مضافاً إلى اعتبارها في أنفسها قد جاوزت من الكثرة حدّ الاستفاضة ، فلو لم يعمل بمثل هذه النصوص في الأحكام الشرعية فعلى الفقه السلام ، فان كثيراً من الأحكام ومنها مشروعية القنوت في الركعة الثانية من الجمعة التي اعترف بها إنّما ثبتت بمثل هذه الأخبار ، فرفضها يستوجب خللاً في الاستنباط بل سداً لباب الاجتهاد بمصراعيه كما لا يخفى.
فتحصّل : أنّ الأظهر هو القول الأوّل الّذي عليه المشهور.
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٢٧٠ / أبواب القنوت ب ٥ ح ٢.