لا ينبغي التأمّل في مشروعية القنوت في صلاة الجمعة في الجملة كما في سائر الصلوات للإطلاقات ، مضافاً إلى النصوص الخاصّة كما ستعرف. وما ورد من نفيه في رواية عبد الملك بن عمرو وصحيحة داود بن الحصين (١) محمول على التقية أو نفي الوجوب كما تقدّم (٢).

وإنّما الكلام في محله وعدده ، واستيعاب البحث يستدعي التكلّم تارة في صلاة الجمعة منفرداً ، أي صلاة الظهر الرباعية من يوم الجمعة ، وأُخرى جماعة التي هي ذات ركعتين مع الخطبتين ، وهنا أيضاً يبحث تارة عن حكم الإمام ، وأُخرى عن وظيفة المأمومين ، فالكلام يقع في جهات ثلاث :

أمّا الجهة الأُولى : فالمشهور أنّ حالها حال سائر الصلوات في أنّ فيها قنوتاً واحداً قبل الركوع من الركعة الثانية ، إلّا أنّ حريزاً روى عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث «قال : وعلى الإمام فيها أي في الجمعة قنوتان إلى أن قال ـ : ومن صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأُولى قبل الركوع» (٣).

قال الصدوق في الفقيه بعد نقل الحديث ما لفظه : وتفرّد بهذه الرواية حريز عن زرارة ، انتهى (٤).

فالرواية باعتبار ذيلها شاذّة لم يروها غير حريز ، بل لم يعلم عمله بها وإن رواها في كتابه.

وكيف ما كان ، فمضافاً إلى شذوذها وعدم وضوح العامل بها ، معارضة في

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٢٧٢ / أبواب القنوت ب ٥ ح ٩ ، ١٠.

(٢) في ص ٣٦٦.

(٣) الوسائل ٦ : ٢٧١ / أبواب القنوت ب ٥ ح ٤.

(٤) الفقيه ١ : ٢٦٦.

۵۵۳