الوجوب ومورداً للاحتياط حسبما سبق ، فتركه عمداً حنث للنذر وموجب للكفارة. نعم ، انعقاده من دون رعاية عنوان الاحتياط ممنوع كما لا يخفى.
وإنّما الكلام في صحّة الصلاة الفاقدة للموالاة المنذورة ، والأظهر هو الصحّة. وقد تقدّم نظير المقام في من نذر أن يصلِّي في مكان راجح كالمسجد فخالف وصلّى في غيره ، فإنّ الصلاة حينئذ محكومة بالصحّة وإن كان آثماً في مخالفة النذر.
والوجه في ذلك : أنّ الصلاة الفاقدة للموالاة والواجدة ضدّان لهما ثالث وتعلّق الأمر بالثانية من ناحية النذر لا يستوجب النهي عن الاولى ، لوضوح أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه ، إذن لا مانع من تصحيح الاولى بالخطاب الترتبي بعد البناء على إمكانه ووقوعه ، بل كفاية تصوّره في تصديقه حسبما فصّلنا البحث حوله في الأُصول (١) ، هذا.
وقد يقال : إنّ التصدِّي للصلاة الفاقدة تصرف في موضوع النذر وإعدام له وبما أنّ النذر يستدعي حفظ الموضوع وإبقاءه فلا جرم كان الاعدام المزبور المنطبق على فعل الصلاة محرّماً فتبطل ، نظير ما لو نذر أن يتصدّق بشاة معيّنة على زيد فتصدّق بها على عمرو.
ويندفع أوّلاً : بأنّ إعدام الموضوع لو تمّ فإنّما يتم فيما إذا كان المنذور أمراً شخصياً كالشاة في المثال المزبور ، أمّا في المقام فالواجب طبيعي الصلاة ولها حصّتان : الواجدة للموالاة والفاقدة ، ومن البيِّن أنّ الإتيان بالثانية لم يكن إعداماً للأُولى ، غايته أنّهما متقارنان خارجاً ، لا أنّ وجود هذه علّة لترك الأُخرى ، فهو نظير الاشتغال بالصلاة مع وجوب الإزالة عليه.
__________________
(١) راجع محاضرات في أُصول الفقه ٣ : ١٠٢ وما بعدها.