عمرو بن جميع بالمعنى المصطلح عند الفقهاء. فلا دليل على عدم جواز ذلك حال التشهّد ، اللهمّ إلّا أن يكون الوجه هو الشهرة الفتوائية وهو أمر آخر وإلّا فلا دليل بحسب النصوص.

وأمّا الإقعاء بهذا المعنى فظاهر هاتين الروايتين هو الحرمة ، وليس بإزائهما ما يدل بالخصوص على الجواز ليكون مقتضى الجمع بينهما هو الكراهة كما كان هو الحال بالنسبة إلى ما بين السجدتين ، سوى إطلاقات الجلوس حال التشهّد ، فان تمّ هاتان الروايتان سنداً ودلالة فلا بدّ من تقييد تلك الإطلاقات المقتضية لجواز الإقعاء ولو بهذا المعنى بغير هذا الفرض فإنّه يكون غير جائز وإلّا كان مقتضى تلك الإطلاقات هو الجواز ، إلّا أن يكون المنع مبنياً على الاحتياط كما في المتن ، وإن كان ظاهره هو الاحتياط حتّى عن الإقعاء بالمعنى اللغوي. مع أنّه لا موجب لذلك ، لقصور شمول الروايتين له قطعاً كما عرفت.

ولكن يمكن المناقشة في كلتا الروايتين : أمّا رواية زرارة ، فلأنه رواها ابن إدريس عن كتاب حريز بن عبد الله ، وقد عرفت مراراً أنّ طريق ابن إدريس لهذه الكتب مجهول لدينا ، فهي بالنسبة إلينا في حكم المرسل وإن عبّر عنها في كلام غير واحد من الأعاظم بالصحيحة.

على أنّه يمكن المناقشة في دلالتها ، وذلك لأنّ لفظة «لا ينبغي» وإن كانت في لسان الأخبار ظاهرة في الحرمة كما يقتضيه معناه اللغوي (١) وهو لا يتيسّر ولا يمكن ، قال الله تعالى ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ (٢) إلخ ، أي لا يتيسّر لها ذلك ، إلّا أنّه في خصوص المقام قامت القرينة على خلاف ذلك وهو التعليل بقوله : «وليس المقعي بجالس» فان ظاهر هذه الجملة غير مراد

__________________

(١) لسان العرب ١٤ : ٧٧ ، المنجد : ٤٤.

(٢) يس ٣٦ : ٤٠.

۵۵۳