الفقهاء ، نظراً إلى الإخلال بالجلوس المعتبر فيما بين السجدتين وكذا عند التشهّد قطعاً.
وفيه : أنّ مجرّد الموافقة مع العامّة لا يقتضي الحمل على التقيّة ما لم يكن ثمة معارض. ومع ما ذكرناه من الجمع الدلالي لا معارضة في البين. على أنّه كيف يمكن القول بأنّ المقعي ليس بجالس حقيقة مع أنّه من كيفيّات الجلوس ، وليس مفهوماً آخر مقابلاً له كالقيام والانحناء والاستلقاء والاضطجاع ونحوها ، فلا بدّ من حمل ما ورد في الرواية على معنى آخر سنبيِّنه إن شاء الله تعالى.
وبالجملة : ما استنتجه صاحب الحدائق من القول بعدم جواز الإقعاء في الصلاة بالمعنى المصطلح عند الفقهاء والظاهر أنّه متفرِّد بهذا القول لا يمكن المساعدة عليه ، ولا على ما ذكره من كيفية الجمع ، بل مقتضى الصناعة هو ما ذكرناه من كراهة الإقعاء بكلا قسميه ، فإن إطلاق موثقة أبي بصير كما يشمل الإقعاء اللغوي كذلك يشمل الإقعاء الفقهائي ولا موجب لتخصيصه بالقسم الأوّل ، فإنّ القسم الثاني أيضاً كان متعارفاً عند العامّة ، كما أنّ صحيح الحلبي المؤيّد برواية زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام : «لا بأس بالإقعاء فيما بين السجدتين» (١) وغيرها يعمّ كلا القسمين ولا وجه لتخصيصه بالإقعاء الفقهائي ونتيجة الجمع العرفي بينهما هو كراهة كلا القسمين من الإقعاء.
ويدلّنا أيضاً على كراهة الإقعاء الفقهائي بل واللغوي : ذيل صحيحة زرارة : «... وإيّاك والقعود على قدميك فتتأذّى بذلك ، ولا تكون قاعداً على الأرض فيكون إنّما قعد بعضك على بعض فلا تصبر للتشهّد والدُّعاء» (٢) فإنّها متضمِّنة لواقع الإقعاء وإن لم يعبّر عنه فيها بلفظه ، واستفادة الكراهة من جهة التعليل
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٣٤٩ / أبواب السجود ب ٦ ح ٧.
(٢) الوسائل ٥ : ٤٦١ / أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ٣.