الأُمور التي صدرت منه صلىاللهعليهوآله من تلقاء نفسه ثمّ صارت علّة للتشريع من غير أن يتعلّق بها الأمر ابتداء.
والحاصل : أنّه يعتبر في الصلاة القصد إلى تمام الأجزاء من أوّل الأمر ، ولم يكن الصادر منه كذلك قطعاً ، وإنّما أتى بعدّة من الأفعال شيئاً فشيئاً وعلى سبيل التدريج ، وصار المجموع علّة لتشريع الصلاة بعد ذلك. فما صدر منه صلىاللهعليهوآله وقتئذ لم يكن بعد من الصلاة المأمور بها حتّى يستدل به على الوجوب كما يكشف عنه خلوّها عن التشهّد.
هذا مع أنّ المذكور فيها هكذا : «صلّى الله عليّ وعلى أهل بيتي» والتعبير به مختص بالنبيّ صلىاللهعليهوآله فلا يمكن التعدِّي بعد القطع بعدم صحّة هذا التعبير من غيره صلىاللهعليهوآله.
وكيف ما كان ، فلا يمكن رفع اليد عن موثقة أبي بصير المتقدِّمة (١) بهذه الصحيحة فإنّها صريحة في اعتبار الكيفية المشهورة ، وإن كان اقترانها بغير واحد من المستحبّات قد يستوجب الظن بعدم وجوب هذه أيضاً وقد مرّ الجواب عنه.
ومن جميع ما ذكرنا تعرف : أنّ الأقوى اعتبار هذه الكيفية ولا أقل من أنّه أحوط ، ولأجل هذا ترى أنّ الماتن قدسسره مع اختياره في التشهّد الاقتصار على الأقل ممّا يجزئ ، لم يختر إلّا خصوص هذه الكيفية التي قامت عليها السيرة خلفاً بعد سلف وجيلاً بعد جيل.
تنبيه : قد عرفت أنّ اللّازم تكرار لفظ الشهادة في التشهّد حتّى يتحقّق عنوان الشهادتين المأمور به في النصوص ، كصحيحة محمّد بن مسلم (٢) وغيرها
__________________
(١) في ص ٢٧٠.
(٢) الوسائل ٦ : ٣٩٧ / أبواب التشهّد ب ٤ ح ٤.