وأمّا القول الآخر ، أعني الاكتفاء بمطلق الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآله فقد استدلّ له أيضاً بوجوه :
أحدها : أصالة البراءة عن تعيّن الكيفية الخاصّة. ونوقش فيها : بأنّ المقام من دوران الأمر بين التعيين والتخيير والمرجع في مثله قاعدة الاشتغال. وفيه : ما أسلفناك مراراً من أنّ هذا الدوران هو بعينه الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين ولا فرق بينهما إلّا في مجرد العبارة ، والمختار فيه هو أصالة البراءة.
إلّا أنّ الرجوع إلى الأصل فرع عدم الدليل ، وقد عرفت قيام الدليل على وجوب تلك الكيفية وهي موثقة أبي بصير بالتقريب المتقدِّم ، فلا تنتهي النوبة إلى الأصل.
الثاني : إطلاق الأمر بالصلاة عليه صلىاللهعليهوآله الوارد في الروايات.
وفيه أوّلاً : منع الإطلاق ، لعدم ورود تلك النصوص إلّا لبيان أصل الاعتبار لا كيفيته ، فان عمدتها كانت صحيحة زرارة (١) المتضمِّنة لتشبيه الصيام بالصلاة في اعتبار الزكاة فيه كاعتبار الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآله فيها ، فكما لا تعرّض فيها لبيان كيفية الزكاة فكذا لا تعرّض لكيفية الصلاة ، فهي غير مسوقة إلّا لبيان الاعتبار في الموردين في الجملة ولا نظر فيها لبيان الكيفية في شيء من الموردين.
وثانياً : لو سلّم الإطلاق فهو مقيّد بموثقة أبي بصير المشتملة على تلك الكيفية الخاصّة.
الثالث والرابع : صحيحة الحسن بن الجهم (٢) ، وموثقة سماعة (٣) فقد ذكر
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٤٠٧ / أبواب التشهّد ب ١٠ ح ٢.
(٢) الوسائل ٧ : ٢٣٤ / أبواب قواطع الصلاة ب ١ ح ٦.
(٣) الوسائل ٨ : ٤٠٥ / أبواب صلاة الجماعة ب ٥٦ ح ٢.