والمبالغة ، فان ظاهر الصحيحة أنّ الحكم في المشبّه به ، أعني الصلاة التي هي مبنى الاستدلال أمر مسلّم مفروغ عنه ، وأنّ اعتبار الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآله في صحّتها شيء ثابت لا ينكر وقد شبّه الصِّيام بها ، وظاهره أنّه مثلها في اعتبار الزكاة في صحّتها غير أنّه قد ثبت من الخارج اعتبارها في الكمال دون الصحّة ، فمن أجل ذلك يحمل الاعتبار في المشبّه الظاهر في الصحّة على التأكيد والمبالغة ، إذ لا يعتبر أن يكون المشبّه كالمشبّه به في تمام الجهات بل من الجائز أن يكون وجه الشبه في المشبّه به حقيقياً ، وفي المشبّه مجازياً.
وقد وقع نظيره في المنع عن التطوّع في وقت الفريضة قياساً على صوم النافلة لمن عليه الفريضة ، ففي صحيحة زرارة بعد منعه عليهالسلام عن التنفل في وقت الفريضة قال عليهالسلام : «أتريد أن تقايس ، لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تطوّع ، إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة» (١) فانّ المنع في المقيس عليه وهو الصوم مسلّم لا شبهة فيه ، وليس كذلك في المقيس لجواز التنفّل في وقت الفريضة ، غير أنّ الأفضل البدأة بها إذا بلغ الفيء الذراع لقوله عليهالسلام في صحيحة زرارة : «فإذا بلغ فيؤك ذراعاً من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة» (٢).
وعلى الجملة : ظاهر التشبيه هو الاتِّحاد والمساواة بين المشبّه والمشبّه به في أنّ الاعتبار في كليهما من حيث الدخل في الصحّة ، لكن ثبت من الخارج خلافه بالإضافة إلى المشبّه وأنّ إعطاء الزكاة من كمال الصوم لا من مقوّماته ، ولم يثبت هذا في المشبّه به وهو الصلاة فيحمل الاعتبار في الأوّل على ضرب من التجوز والمبالغة ، وأنّ نفي الصوم عمّن لم يزك نظير نفي الصلاة في قوله (عليه
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٦٤ / أبواب المواقيت ب ٥٠ ح ٣.
(٢) الوسائل ٤ : ١٤١ / أبواب المواقيت ب ٨ ح ٣.