شك في تقدّم الأوّل ، فإن من تلك المطلقات صحيحة محمّد بن مسلم المشتملة على صيغة العموم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «سألته عن الرجل يعلّم السورة من العزائم فتعاد عليه مراراً في المقعد الواحد ، قال : عليه أن يسجد كلّما سمعها ، وعلى الّذي يعلّمه أيضاً أن يسجد» (١).
على أنّه يمكن أن يقال : إنّ الموثقة خاصّة بغير العزيمة ، فهي أجنبية عمّا نحن فيه والنسبة هي التباين لا العموم من وجه وذلك بقرينة قوله : «لا تستقيم الصلاة فيها ...» إلخ ، فإنّ المراد بهذه الصلاة إنّما هي النافلة ، إذ هي التي يتوهّم أنّها لا تستقيم وإلّا فلا شك في استقامة الفريضة ، لامتداد وقتها من الفجر إلى طلوع الشمس ، ولا يحتمل خفاء مثل هذا الحكم الواضح على مثل عمار فبمناسبة الحكم والموضوع يكون المراد من السجدة هي المستحبّة. وقد أشرنا آنفاً إلى أنّ الأخبار الناهية كلّها محمولة على التقيّة ، وعليه فهذه السجدة كالنافلة مستحبّة في هذا الوقت أيضا.
ويشهد لما ذكرناه من الاختصاص بغير العزيمة : ذيل الموثقة حيث ذكر فيها هكذا «وعن الرجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم ...» إلخ ، فإنّ التقييد بالعزيمة في هذا السؤال يكشف عن أنّ المراد بالسجدة في السؤال الأوّل ما يقابلها ، فسأل أوّلاً عن حكم غير العزيمة ثمّ عن حكمها.
فظهر من جميع ما ذكرناه : أنّ الأقوى جواز فعلها في جميع الأوقات كلّها وإن كانت ممّا يكره فيه النوافل.
وتؤيِّده : رواية دعائم الإسلام (٢) المصرّحة بالتعميم.
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٢٤٥ / أبواب قراءة القرآن ب ٤٥ ح ١.
(٢) الدعائم ١ : ٢١٥ ، المستدرك ٤ : ٣١٨ / أبواب قراءة القرآن ب ٣٥ ح ٢.