إنّما الكلام فيما إذا سمع السجدة في الأوقات التي تكره فيها الصلاة ، وهي بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ، وكذا قبل الغروب ، فهل الفورية ثابتة هنا أيضاً أو أنّها تؤخّر إلى ما بعد خروج الوقت؟
مقتضى الإطلاقات هو الأوّل ، لكن قد يتخيّل الثاني استناداً إلى موثقة عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام «قال : في الرجل يسمع السجدة في الساعة التي لا تستقيم الصلاة فيها قبل غروب الشمس وبعد صلاة الفجر ، فقال : لا يسجد» (١).
وفيه أوّلاً : أنّ إمارة التقيّة عليها ظاهرة لقوله : «في الساعة التي لا تستقيم الصلاة ...» إلخ ، فإن عدم الاستقامة المساوق لعدم الصحّة هو مذهب العامّة وقد تقدّم في بحث الأوقات (٢) الأخبار الناهية عن الصلاة في هذا الوقت ، معلّلة بأنّ الشمس تطلع بقرني الشيطان ، فاذا صلّى الناس في هذا الوقت فرح إبليس وأخبر أتباعه أنّهم يسجدون لي ، فلأجله منع عن السجود فيه في هذه الموثقة للاشتراك في علّة المنع. وبيّنا هناك أنّ هذه الروايات كلّها محمولة على التقيّة وأنّ التعليل جار على مذهبهم ومطابق لعقيدتهم ، إذ هو مذكور في رواياتهم وإلّا فالشمس لا تزال في حالة الطلوع على صقع من الأصقاع من غير اختصاص بزمان أو مكان.
وثانياً : أنّ النسبة بين الموثقة وبين الإطلاقات الآمرة بالسجود عموم من وجه ، لإطلاق هذه من حيث العزيمة وغيرها واختصاصها بالوقت الخاص على عكس المطلقات ، فتتعارضان في مادّة الاجتماع وهي سماع العزيمة في الوقت المزبور فيجب السجود بمقتضاها ، ولا يجب بمقتضى الموثقة ، لكن الترجيح مع المطلقات ، لكون الدلالة فيها بالعموم ، وفي الموثقة بالإطلاق ولا
__________________
(١) الوسائل ٦ : ١٠٥ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٠ ح ٣.
(٢) شرح العروة ١١ : ٣٦١.