وأمّا المقام الثاني : فإن كان التذكر قبل السلام رجع بلا إشكال ولا كلام سواء أكان المنسي سجدة واحدة أم سجدتين ولا شي‌ء عليه ، إذ لم يترتّب عليه محذور سوى زيادة التشهّد كلّاً أو بعضاً ، ولا ضير فيها بعد أن كانت سهواً. فالحكم حينئذ على طبق القاعدة.

إنّما الكلام فيما إذا كان بعد السلام ، فقد فصّل في المتن تبعاً لجمع بين ما إذا كان المنسي سجدة واحدة أم سجدتين ، فحكم بالقضاء في الأوّل ، والبطلان في الثاني ، وكلاهما محل نظر بل منع.

أمّا القضاء ، فلعدم الدليل عليه ، إذ النص الوارد فيه مختص بما إذا كان التذكر بعد الركوع المستلزم بطبيعة الحال لكون المنسي من سائر الركعات ، فلا يمكن التعدِّي إلى المقام ، لوجود الفرق الواضح بين الموردين ، فانّ السجود غير قابل للتدارك هناك ، فلا مناص من القضاء ، بخلاف المقام ، لبقاء المحل إذ لا ركن بعده ، فهو قابل للتدارك غايته أنّ التشهّد والسلام وقعا زائدين ولا بأس بالزيادة السهوية في مثلهما فيتدارك السجود ويعيد التشهّد والسلام ، وعليه سجدتا السهو للسلام الزائد ، ولا محذور في ذلك أبداً. فمقتضى القاعدة في المقام بعد عدم ورود نص فيه وجوب التدارك دون القضاء. نعم ، لو كان التذكّر بعد الإتيان بالمنافي من استدبار أو حدث ، أو فصل طويل ونحوها ممّا لم يبق معه مجال للتدارك اتّجه القضاء حينئذ لموثقة عمار (١).

وأمّا البطلان ، فهو مبني على ما مرّ آنفاً من الاستناد إلى حديث لا تعاد ، بدعوى أنّ الموضوع فيه مجرد النسيان الحاصل في المقام ، وقد عرفت جوابه بما لا مزيد عليه ، وأنّ الموضوع هو الخلل الموجب للبطلان غير المتحقق في المقام بعد إمكان التدارك ، إذ هو بعدُ في الصلاة ، لعدم وقوع السلام في محله فيمكنه

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٣٦٤ / أبواب السجود ب ١٤ ح ٢.

۵۵۳