هذا ، ويشهد لما ذكرناه من وجوب الرفع صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «سألته أيمسح الرجل جبهته في الصلاة إذا لصق بها تراب؟ فقال : نعم ، قد كان أبو جعفر عليهالسلام يمسح جبهته في الصلاة إذا لصق بها التراب» (١).
فانّ الظاهر أنّ السؤال إنّما هو عن الوجوب دون الجواز ، وذلك لأنّ المنقدح في ذهن السائل لو كان احتمال مانعية المسح في الصلاة بتخيّل أنّه فعل كثير فكان مقصوده السؤال عن الجواز وعدمه لكان حقّ العبارة أن يقول هكذا : «يمسح الرجل ...» إلخ بصيغة الجملة الخبرية كي يكون السؤال عن أنّ هذا المسح المفروض وقوعه هل هو قادح أم لا ، ومثله يجاب عنه بـ (لا بأس) كما وقع نظيره في الروايات كثيراً ، لكن الرواية ليست كذلك ، بل هي بصيغة الاستفهام فقال «أيمسح الرجل» ، إلخ الظاهر في السؤال عن الوظيفة الفعلية وأنّه هل يلزم عليه أن يمسح حينما يجد التراب لاصقاً بجبهته أم لا ، ومثله لا يجاب عنه بـ (لا بأس) كما في الأوّل بل بـ (نعم) أو (لا). فقوله عليهالسلام : «نعم» ، ولا سيّما مع التعبير بصيغة الاستفهام يعطي قوّة الظهور في أنّ المسئول عنه هو الوجوب ، وقد أمضاه عليهالسلام بقوله «نعم» فكأنه عليهالسلام قال ابتداءً «يمسح الرجل ...» إلخ الّذي لا شك في ظهوره في الوجوب ، فدلالة الصحيحة على ما ذكرناه تامّة لا خدشة فيها.
ومن جميع ما ذكرناه يظهر أنّ وجوب رفع التربة اللّاصقة هو الأقوى وإن جعلناه أحوط في مبحث المكان (٢) ، وجعله الماتن كذلك في المقام. نعم ، إذا كان
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٣٧٣ / أبواب السجود ب ١٨ ح ١.
(٢) في المسألة الرابعة والعشرين من «فصل مسجد الجبهة من مكان المصلِّي» [شرح العروة ١٣ : ١٧٣].