البحث (١) ، إلّا أنّ الشارع قد اعتبر في هذا الوضع خصوصية المباشرة كما مرّ وإن لم يعتبر في بقية المحال بلا إشكال ، والأمر بالمباشرة كغيرها من سائر الواجبات ظاهر في الاحداث ، فلا يكفي الإبقاء بقصد الامتثال ، ولا أحداث في المقام ، فإنّ الجبهة كانت مباشرة مع التربة قبل الوضع على الأرض ، فهو إبقاء لما كان لا إحداث جديد.
والحاصل : أنّ السجود الشرعي يتقوّم بأمرين : الوضع ، وأن يكون عن مباشرة ، والإحداث وإن حصل في الأوّل لكنّه لم يتحقّق في الثاني فمن أجله لا بدّ من الرفع تحصيلاً للاحداث بالإضافة إليهما معا.
وبعبارة اخرى : لو كان السجود الشرعي متقوّماً بالوضع فحسب لما وجب الرفع ، لصدق تعدّده بدونه كما عرفت ، لكن المأخوذ في لسان النصوص عناوين أُخر يقتضي مراعاتها وجوب الرفع في المقام كعنوان السقوط إلى الأرض ، وإصابة الجبهة ومسها بها. ففي صحيح زرارة «فأيّما سقط من ذلك إلى الأرض أجزأك» (٢) وفي موثق عمار «أيّ ذلك أصبت به الأرض أجزأك» (٣) ونحوها موثقة بريد (٤) ، وفي صحيحة زرارة الأُخرى «إذا مسّ جبهته الأرض» (٥).
فان صدق هذه العناوين ولا سيما السقوط يتوقف على انفصال الجبهة عن الأرض الموقوف على الرفع ، إذ بدونه لا يصدق أنّ الجبهة سقطت أو أصابت أو مسّت الأرض ، بل المتّصف بهذه الأُمور هي الجبهة التي عليها التربة الحائلة بينها وبين الأرض دون الجبهة نفسها ، فانّ الحدوث ملحوظ في مفاهيم هذه العناوين كما عرفت ، فسقوط الجبهة على التربة لم يتحقّق وعلى الأرض وإن تحقّق لكنّه مع الحائل فيبطل السجود من هذه الجهة.
__________________
(١) في ص ٨٤.
(٢) ، (٣) ، (٤) ، (٥) الوسائل ٦ : ٣٥٦ / أبواب السجود ب ٩ ح ٥ ، ٤ ، ٣ ، ١.