أحد الأدلّة ، فالواجب العمل باليقين السابق بقدر الإمكان ، فإذا تعذّر العمل باليقينين من جهة تنافيهما وجب العمل بأحدهما ، ولا يجوز طرحهما.

ويندفع هذا التوهّم : بأنّ عدم التمكّن من العمل بكلا الفردين إن كان لعدم القدرة على ذلك مع قيام المقتضي للعمل فيهما فالخارج هو غير المقدور ، وهو العمل بكلّ منهما مجامعا مع العمل بالآخر ، وأمّا فعل أحدهما المنفرد عن الآخر فهو مقدور فلا يجوز تركه. وفي ما نحن فيه ليس كذلك ؛ إذ بعد العلم الإجماليّ لا يكون المقتضي لحرمة نقض كلا اليقينين موجودا منع عنها (١) عدم القدرة.

نعم مثال هذا في الاستصحاب أن يكون هناك استصحابان بشكّين مستقلّين امتنع شرعا أو عقلا العمل بكليهما (٢) من دون علم إجماليّ بانتقاض أحد المستصحبين بيقين الارتفاع ، فإنّه يجب حينئذ العمل بأحدهما المخيّر وطرح الآخر ، فيكون الحكم الظاهريّ مؤدّى أحدهما.

وإنّما لم نذكر هذا القسم في أقسام تعارض الاستصحابين ؛ لعدم العثور على مصداق له ؛ فإنّ الاستصحابات المتعارضة يكون التنافي بينها من جهة اليقين بارتفاع أحد المستصحبين ، وقد عرفت (٣) أنّ عدم العمل بكلا الاستصحابين ليس مخالفة لدليل الاستصحاب سوّغها العجز ؛ لأنّه نقض اليقين باليقين ، فلم يخرج عن عموم «لا تنقض» عنوان ينطبق

__________________

(١) كذا في (ت) و (ظ) ، وفي غيرهما : «عنهما».

(٢) في (ه) و (ص) بدل «امتنع شرعا أو عقلا العمل بكليهما» : «ورد المنع تعبّدا عن الجمع بينهما».

(٣) تقدم ذلك آنفا.

۴۳۹۱