بيان ذلك : أنّه لو عملنا باستصحاب النجاسة كنّا قد طرحنا اليقين بطهارة الماء من غير ورود دليل شرعيّ على نجاسته ؛ لأنّ بقاء النجاسة في الثوب لا يوجب زوال الطهارة عن الماء ، بخلاف ما لو عملنا باستصحاب طهارة الماء ؛ فإنّه يوجب زوال نجاسة الثوب بالدليل الشرعيّ ، وهو ما دلّ على أنّ الثوب المغسول بالماء الطاهر يطهر ، فطرح اليقين بنجاسة الثوب (١) لقيام الدليل على طهارته.
هذا ، وقد يشكل (٢) : بأنّ اليقين بطهارة الماء واليقين بنجاسة الثوب المغسول به ، كلّ منهما يقين سابق شكّ في بقائه وارتفاعه ، وحكم الشارع بعدم النقض نسبته إليهما على حدّ سواء ؛ لأنّ نسبة حكم العامّ إلى أفراده على حدّ سواء ، فكيف يلاحظ ثبوت هذا الحكم لليقين بالطهارة أوّلا حتّى يجب نقض اليقين بالنجاسة ، لأنّه مدلوله ومقتضاه؟!
والحاصل : أنّ جعل شمول حكم العامّ لبعض الأفراد سببا لخروج بعض الأفراد عن الحكم أو عن الموضوع ـ كما في ما نحن فيه ـ فاسد ، بعد فرض تساوي الفردين في الفرديّة مع قطع النظر عن ثبوت الحكم.
ويدفع : بأنّ فرديّة أحد الشيئين إذا توقّف على خروج الآخر المفروض الفرديّة عن العموم ، وجب الحكم بعدم فرديّته ، ولم يجز رفع اليد عن العموم ؛ لأنّ رفع اليد حينئذ عنه يتوقّف على شمول العامّ لذلك الشيء المفروض توقّف فرديّته على رفع اليد عن العموم ، وهو دور محال.
__________________
(١) كذا في (ت) و (ه) ، وفي غيره بدل «بنجاسة الثوب» : «بالنجاسة».
(٢) في (ظ) بدل «وقد يشكل» : «فإن قلت بأنّ».