العلماء ـ في غاية القلّة إلى زمان متأخّري المتأخّرين (١) ، مع أنّ بعض هؤلاء (٢) وجدناهم لا يفرّقون في مقارنات المستصحب بين أفرادها ، ويثبتون بالاستصحاب جميع ما لا ينفكّ عن المستصحب ، على خلاف التحقيق الآتي في التنبيهات الآتية إن شاء الله تعالى (٣).
ودعوى : أنّ اعتبار الاستصحابات العدميّة لعلّه ليس لأجل الظنّ حتّى يسري إلى الوجوديّات المقارنة معها ، بل لبناء العقلاء عليها في امورهم بمقتضى جبلّتهم.
مدفوعة : بأنّ عمل العقلاء في معاشهم على ما لا يفيد الظنّ بمقاصدهم والمضيّ في امورهم ـ بمحض الشكّ والتردّد ـ في غاية البعد ، بل خلاف ما نجده من أنفسنا معاشر العقلاء.
وأضعف من ذلك أن يدّعى : أنّ المعتبر عند العقلاء من الظنّ الاستصحابي هو الحاصل بالشيء من تحقّقه السابق ، لا الظنّ الساري من هذا الظنّ إلى شيء آخر ، وحينئذ فنقول : العدم المحقّق سابقا يظنّ بتحقّقه لاحقا ـ ما لم يعلم أو يظنّ تبدّله بالوجود ـ بخلاف الوجود المحقّق سابقا فإنّه لا يحصل الظنّ ببقائه لمجرّد تحقّقه السابق ، والظنّ الحاصل ببقائه من الظنّ الاستصحابي المتعلّق بالعدميّ المقارن له غير
__________________
(١) مثل : الفاضل التوني والوحيد البهبهاني وشريف العلماء والمحقّق القمّي وصاحب الفصول وغيرهم.
(٢) مثل : الوحيد البهبهاني وشريف العلماء ، انظر الفوائد الحائرية : ٢٧٥ ، والرسائل الاصوليّة : ٤٢٣ ، وضوابط الاصول : ٣٧٤.
(٣) في مبحث الأصل المثبت ، الصفحة ٢٣٣.