توجيهه إلى عامّة المكلّفين ، فالمراد لا محالة هي المساواة العرفية المتحققة ولو مع الاختلاف اليسير فيما إذا كان تدريجياً انحدارياً ، دون ما كان دفعياً تسنيمياً ولو كان بقدر إصبع ، لصدق عدم المساواة حينئذ بعد أن كان الاختلاف في مثله محسوساً بيّناً ، وظاهر الأمر بالمساواة لزوم مراعاتها على جهة الوجوب.
هذا ، ولا يخفى أنّ لازم كلامه قدسسره الاستشكال بل المنع عمّا هو الدارج بين الشيعة من السجود على التربة الحسينية على مشرّفها آلاف الثناء والتحيّة ، لعدم تحقّق المساواة حينئذ بالمعنى الّذي ذكره وهو كما ترى.
وكيف كان ، فينبغي القطع بفساد هذه الدعوى ، لقيام السيرة العملية القطعية من المتشرِّعة خلفاً عن سلف على عدم رعاية هذا المقدار من التساوي ، ولا سيّما في الجماعات المنعقدة في الأماكن المختلفة من البيداء ونحوها التي قلّما يتّفق تساوى سطوحها حتّى من غير ناحية الانحدار ، فتراهم يصلّون ولو فيما كان مسجد الجبهة بخصوصها أرفع من الموقف بمقدار يسير من أجل وجود الحصى أو التل ونحوهما ، وأمّا الصحيحة فلا بدّ من حملها على الاستحباب كما ستعرف هذا.
ويستدل للمشهور بصحيحة أُخرى لعبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «سألته عن السجود على الأرض المرتفع فقال : إذا كان موضع جبهتك مرتفعاً عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس» (١).
دلّت على جواز السجود فيما إذا كان الارتفاع بمقدار اللّبنة ، وبالمفهوم على عدمه فيما زاد عليها ، وبذلك يحمل الأمر بالمساواة المطلقة في صحيحته الاولى على الاستحباب.
ونوقش فيها من حيث السند تارة ، والدلالة اخرى ، والمتن ثالثة.
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٣٥٨ / أبواب السجود ب ١١ ح ١.