وأمّا رواية الفضل ، فهي من حيث الدلالة وإن لم يكن بها بأس (١) ، إلّا أنّها من حيث السند ضعيفة ، لضعف طريق الصدوق إلى الفضل.

فظهر أنّه ليس هناك ما يوجب أن يرفع اليد به عن ظواهر تلك الصحاح بل هي باقية على حجّيتها ، ولذا مال صاحب الحدائق (٢) إلى الوجوب لولا قيام الإجماع على عدمه وتوقف صاحب المدارك في الحكم (٣).

ولكن مع ذلك كلّه فالأظهر عدم الوجوب ، بل هو مستحب حال الانتصاب كما عليه المشهور ، وذلك لأنّ الصحيحة الثالثة إن قلنا بأنّها مطلقة وشاملة لحال الهوي فلا بدّ من رفع اليد عن إطلاقها وحملها على الصحاح الثلاث الأُخر المقيّدة بحال الانتصاب ، فان قانون حمل المطلق على المقيّد وإن لم يجر في المستحبّات ، بل يؤخذ ويعمل بكلا الدليلين ، إلّا أنّ كون الحكم في المقام مستحبّاً بعدُ أوّل الكلام ، فلا يمكن إجراء حكمه عليه.

وعليه ينتج وجوب التكبيرة حال الانتصاب ، وهذا ما تكذّبه السيرة العملية المتّصلة بزمن المعصومين عليهم‌السلام حيث إنّها جارية على إتيانها عند الهوي ولو لا بقصد الخصوصية. على أنّه لو كان واجباً لكان شائعاً وذائعاً كيف لا وهو ممّا يكون مورداً لابتلاء عامّة المكلّفين في اليوم عدّة مرّات ، مع أنّه لم يذهب إليه إلّا أفراد معدودون لم يتجاوزوا الأصابع ، فلا بدّ من رفع اليد عن ظواهرها أو حملها على الاستحباب.

وإن قلنا بأنّها ليست مطلقة كما لا يبعد ، فإنّه وإن لم يكن العاطف فيها «ثمّ»

__________________

(١) بل لا تخلو عن البأس ، لتوقّفها على إرادة الاستحباب من السنّة الواقعة في مقابل الفريضة وهو أوّل الكلام.

(٢) الحدائق ٨ : ٢٥٧.

(٣) المدارك ٣ : ٣٩٤.

۵۵۳