الالتزام بلزوم الانحناء بذاك المقدار عملاً بتلك الصحيحة ، لعدم المنافاة بينهما من هذه الجهة كما مرّ.
وفيه : ما عرفت من أنّ الانحناء بمقدار يتمكّن من وضع اليد على الركبة إنّما استفيد من تلك الصحيحة بالدلالة الالتزامية ، فإذا بنى على سقوط الدلالة المطابقية وعدم وجوب وضع اليد عليها ولو من أجل جعل البدل المستفاد من هذه الصحيحة سقطت الدلالة الالتزامية قهراً ، لما تقدّم من تبعيتها للمطابقية في الوجود والحجّية. إذن لا دليل على التحديد ببلوغ اليد إلى الركبة ، فلا فرق في صحّة الاستدلال بين الأمرين وإن كان على الأوّل أوضح وأظهر كما عرفت.
نعم ، بينهما فرق من ناحية أُخرى وهو أنّه بناءً على الأوّل واستظهار كونها في مقام التحديد كما هو الصحيح فهي بنفسها تدل على نفي الزائد وعدم وجوب الانحناء أكثر من ذلك. وأمّا على الثاني فحيث إنّ النظر فيها مقصور على جعل البدل حسب الفرض فلا تعرّض فيها بالنسبة إلى الزائد نفياً ولا إثباتاً ، وبما أنّ الصحيحة الأُولى أيضاً ساقطة الدلالة بالإضافة إليه كما عرفت آنفاً ، فيتمسّك حينئذ بأصالة البراءة لنفيه ، إذ المتيقّن إنّما هو الانحناء بمقدار تصل أطراف الأصابع إلى الركبتين لوجوب هذا المقدار على كلّ حال ، وأمّا الزائد عليه فمشكوك يدفع بأصالة البراءة كما هو المقرّر في الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين.
وقد يقال بعدم التفاوت بين التحديدين ، وعدم التنافي بين الصحيحتين ، إذ المذكور في هذه الصحيحة بلوغ الأصابع ، وهو جمع محلّى باللّام ، ومقتضى دلالته على الاستغراق لزوم رعايته حتّى في الخنصر والإبهام ، وهو ملازم لوصول الكف ، غايته أنّه لا يلزم وضع تمام الكف ، بل يكفي وضع بعضها عملاً بهذه الصحيحة ، فيتصرّف في الأُولى بهذا المقدار وتحمل على الفضل.