ذاك البحث غير مرتبط بالمقام ، ضرورة عدم كون السلام من الأُمور العبادية وإنّما هو تحيّة عرفية ولا مساس لها بالشرعية أو التمرينية ، وحيث إنّ الموضوع لوجوب الرد هو عنوان التحيّة التي لا ينبغي الشك في صدقها على سلام المميِّز كغيره حسبما عرفت ، فلا مناص من الالتزام بالوجوب.

نعم ، لا يجب الردّ في سلام غير المميز ، لعدم صدق عنوان التحيّة عليه بعد أن كان آتياً بمجرّد اللفظ من دون كونه قاصداً للمعنى بمقتضى افتراض عدم التمييز.

وأمّا السلام على الأجنبية ، فبناءً على جواز سماع صوتها لا ينبغي الشك في وجوب الرد عليها للإطلاقات. وأمّا بناءً على عدم الجواز فالظاهر وجوب الرد أيضاً وإن حرم عليها الإسماع ، فتردّ التحيّة إخفاتاً ، والوجه فيه : أنّ الرد شي‌ء وإسماع الصوت شي‌ء آخر ، وحرمة الثاني لا تستلزم سقوط الأوّل. فالمقام نظير من كان عاجزاً عن الإسماع تكويناً لمرض ونحوه ، فكما أنّ العجز التكويني لا يستوجب السقوط فكذلك العجز التشريعي بمناط واحد.

وأمّا عكس ذلك ، أعني سلامها على الرجل الأجنبي ، فقد يقال بعدم وجوب الرد نظراً إلى حرمة التسليم الصادر منها باعتبار حرمة إسماع صوتها للأجنبي ، وحيث إنّ التسليم المحرّم لا يستأهل الجواب فأدلّة الرد منصرفة عنه.

وفيه : بعد تسليم حرمة الإسماع المزبور ، أنّ الحرام لم يكن هو السلام بالذات بل شي‌ء من الخصوصيات المحفوفة به وهو الإسماع ، فنفس التحيّة لا حرمة فيها ، ومن البيِّن أنّ الرد إنّما يكون لها لا للخصوصية المقترنة بها المفروض حرمتها.

على أنّه لا مانع من أن يكون الحرام بالإضافة إلى شخص موضوعاً للوجوب بالإضافة إلى شخص آخر ، فانّ الممنوع إنّما هو اجتماع الحكمين المتضادّين في مورد واحد. إذن فلا محذور في أن يكون التسليم محرّماً على

۵۵۳