فقط ، ولا دخل للهوي فيه إلّا من باب المقدّمة ، فكما أنّه لو هوى إلى الأرض لغاية أُخرى ثمّ بدا له في السجود يجتزي به من دون حاجة إلى القيام والهوي إليه مرّة أُخرى ، فكذا في المقام.
واعترض عليه شيخنا الأنصاري (١) وقد أجاد فيما أفاد فأورد قدسسره.
أوّلاً : بإنكار المبنى ، وأنّ الركوع ليس مطلق تلك الهيئة كي يكون الهوي مقدّمة عقلية صرفة ، بل خصوص المسبوق بالقيام كما هو المستفاد من ظواهر النصوص ، بل من كلمات اللّغويين أيضاً ، فلا يطلق الراكع إلّا على المنحني عن قيام ، فهو مشروط بسبق الهوي ومتقوّم بالانحناء القيامي. ومن هنا لو جلس عن قيامه ثمّ قام متقوّساً إلى حدّ الركوع لا يجتزى به بلا إشكال ، لعدم كونه مصداقاً للركوع ، وإنّما هو على هيئة الراكع. ولا يقاس ذلك بالسجود ، لما عرفت من أنّه متقوّم بوضع الجبهة على الأرض فقط ، ولا دخل للهوي والانحناء في حقيقته بوجه ، فهو فيه مقدّمة عقلية محضة لا محالة ، بخلاف الركوع فإنّه متقوّم بالانحناء المسبوق بالقيام المستلزم لكون الهوي شرطاً شرعياً فيه كما عرفت.
وثانياً : سلّمنا ذلك ، لكن دعوى الاكتفاء مبنية على أن يكون الأمر بالركوع متعلِّقاً بالطبيعي الجامع بين الحدوث والبقاء ، فإنّه بعد ما بلغ إلى هذا الحد ولو لغاية أُخرى جاز له أن يقصد به الركوع بقاء.
لكنّه خلاف ظواهر الأدلّة قطعاً ، بل المنصرف منها خصوص الإحداث وإيجاد الركوع بعد أن لم يكن ، كما هو الحال في السجود أيضاً وغيره من سائر التكاليف ، فلو عثر في صلاته فاتّصلت جبهته بالأرض قهراً ليس له أن يقصد به السجود بقاءً بلا إشكال ، بل لا بدّ من رفع الجبهة ثمّ وضعها ثانياً بقصد
__________________
(١) كتاب الصلاة : ١٥٧.