الاستدبار ، أو فوات الموالاة ممّا يكون منافياً ولو سهواً ، نظراً إلى أنّ المستفاد من روايات التحليل أنّ المخرج والمحلل منحصر في خصوص السلام لا غير وليس لاعتقاد المصلِّي خروجه عن الصلاة من جهة نسيان السلام أيّ أثر في التحليل والخروج عنها ، فما دام لم يسلِّم فهو بعد باقٍ في الصلاة ، ولا مجال للاستناد بحديث لا تعاد للحكم بالخروج وحصول التحليل ، وعليه فلو أحدث قبل السلام المنسي أو استدبر أو استمرّ النسيان إلى أن فاتت الموالاة كان كل ذلك واقعاً أثناء الصلاة لا محالة دون خارجها ، ولأجله يحكم ببطلان الصلاة.
وذكر قدسسره في آخر كلامه وتبعه بعض تلامذته : أنّه بماذا يجمع بين هذه الدعوى أي مخرجية الاعتقاد وما التزم به من وجوب سجود السهو عليه لو تكلّم عند نسيانه ، فهل التكلّم بعد الخروج عن الصلاة موجب لسجود السهو؟
أقول : الصحيح هو ما ذكره الماتن ، ولا يرد عليه شيء ممّا ذكر. أمّا الأخير فواضح الدفع ، بل لم نكن نترقب صدوره من شيخنا الأُستاذ قدسسره ، فانّ السيِّد الماتن قدسسره إنّما التزم بسجدة السهو للتكلّم فيما إذا كان التذكر قبل الإتيان بالمنافي وقبل فوات الموالاة الّذي حكم قدسسره حينئذ بوجوب الإتيان بالسلام لبقاء المحل ، فيكون التكلّم عندئذ واقعاً أثناء الصلاة لا محالة فتجب سجدة السهو لأجله.
وأمّا حكمه قدسسره بالصحّة وعدم التدارك الراجع إلى مخرجية الاعتقاد على حد تعبير شيخنا الأُستاذ قدسسره فهو فيما إذا كان التذكر بعد الإتيان بالمنافي أو بعد فوات الموالاة بحيث لم يبق محل للتدارك ، وهذا فرض آخر غير الفرض الأوّل الّذي حكم فيه بسجود السهو للتكلّم ، ولم يلتزم بالسجود للتكلّم في هذه الصورة ، فأحد الحكمين في فرض ، والآخر في فرض آخر ولا تنافي بينهما بوجه كي يحتاج إلى الجمع بين الدعويين كما هو أوضح من أن يخفى.