الانصراف» (١) فقد عيّن فيهما ما يتحقّق به الانصراف وهو السلام الخاص فتكون تانك الصحيحتان دالّتين على وجوب التسليم لا أنّه يستفاد منهما عدم الوجوب كما هو المدّعى.

ومنها : صحيحه الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «سألته عن الرجل يكون خلف الإمام فيطيل الإمام التشهّد قال : يسلّم من خلفه ويمضي لحاجته إن أحبّ» (٢) فان مضمون هذه الصحيحة هو بعينه مضمون صحيحة علي بن جعفر المتقدِّمة ، وقد صرّح عليه‌السلام هنا بأنّ للمأموم أن يسلِّم عند إطالة الإمام للتشهّد ، فيكون المراد من الانصراف هناك هو التسليم أيضاً وتكون هذه مفسّرة لتلك.

ومنها : ذيل صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر عليه‌السلام «قال : إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته ، فان كان مستعجلاً في أمر يخاف أن يفوته فسلّم وانصرف أجزأه» (٣) فان عطف جملة «انصرف» على «سلّم» لا بدّ وأن يكون تفسيرياً ، إذ لا معنى لكون الانصراف موجباً للإجزاء ، والمراد أنّه لدى الاستعجال يكفي التسليم ولا يلزمه الأوراد والأذكار المتعارفة المستحبّة ، فهذه الرواية أيضاً شاهدة على أنّ المراد من الانصراف ليس إلّا التسليم.

رابعها : صدر هذه الصحيحة حيث علّق عليه‌السلام فيه المضي من الصلاة على خصوص الفراغ من الشهادتين ، ولو كان السلام جزءاً وواجباً لكان اللّازم أن يكون هو المعلّق عليه لا التشهّد.

والجواب : أنّ عد هذه الصحيحة من أدلّة القول بالوجوب أولى من

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٤٢٦ / أبواب التسليم ب ٤ ح ٢.

(٢) الوسائل ٨ : ٤١٣ / أبواب صلاة الجماعة ب ٦٤ ح ٣.

(٣) الوسائل ٦ : ٤١٦ / أبواب التسليم ب ١ ح ٥.

۵۵۳