أحدهما : التمسّك بإطلاقات الأمر بالركوع ، لما مرّ (١) من عدم ثبوت الحقيقة الشرعية ، وأنّ الركوع في لسان الشرع على ما هو عليه من المعنى اللّغوي أعني مطلق الانحناء ، غايته ثبوت التقييد بالبلوغ إلى مرتبة خاصّة يتمكّن معها من إيصال أطراف الأصابع إلى الركبتين ، وحيث إنّه كغيره من سائر التكاليف مشروط بالقدرة فلا تقييد بالإضافة إلى العاجز فتشمله الإطلاقات.

وفيه أوّلاً : أنّ دليل التقييد لم يتضمّن حكماً تكليفياً نفسياً كي يختصّ بالقادرين ، وإنّما هو إرشاد إلى اعتبار المرتبة الخاصّة من الانحناء في الركوع المأمور به وكونها شرطاً فيه كأدلّة سائر الأجزاء والشرائط كما تقدّم ، ومقتضى الإطلاق في مثله عدم الفرق بين حالتي العجز والاختيار.

وثانياً : مع التسليم فلازمه التخيير بعد العجز عن تلك المرتبة الخاصّة بين جميع مراتب الانحناء ، لصدق الركوع لغة على مطلقها كما عرفت ، لا وجوب الإتيان بالمقدار الممكن كما هو المدّعى لعدم الدليل عليه.

ثانيهما : التمسّك بقاعدة الميسور المنجبر ضعفها بقيام الإجماع على العمل بها في المقام.

أقول : إن تمّ الإجماع في المسألة فهو المستند ، وإلّا فالقاعدة في نفسها غير صالحة للاستدلال ، لمنعها كبرى من أجل ضعف مدركها كما نقحناه في الأُصول (٢). وكذا صغرى ، لتوقفها على كون الهوي من أجزاء الواجب ، وتركب المأمور به منه ومن غيره كي يجب البعض لدى تعذّر الكل لكونه ميسوراً منه. وأمّا بناءً على ما هو التحقيق من خروجه عنه وكونه معتبراً فيه شرطاً لا شطراً ، وأنّ الواجب أمر وحداني بسيط ، وهي الهيئة الخاصّة الحاصلة من الانحناء البالغ

__________________

(١) في ص ٣.

(٢) مصباح الأُصول ٢ : ٤٧٧.

۵۵۳