الثالث : أن لا يكون متمكناً حتّى من الترجمة ، فقد ذكر غير واحد أنّه لا بدّ من أن يأتي بسائر الأذكار بقدره كما في المتن. وعن الشهيد (١) أنّه لا بدّ من الإتيان بخصوص التحميد ولذا جعله الماتن أولى من غيره.

أمّا التحميد ، فمدركه هو رواية حبيب الخثعمي المتقدِّمة : «إذا جلس الرجل للتشهّد فحمد الله أجزأه» (٢) ورواية بكر بن حبيب قال : «سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن التشهّد ، فقال : لو كان كما يقولون واجباً على الناس هلكوا إنّما كان القوم يقولون أيسر ما يعلمون ، إذا حمدت الله أجزأ عنك» (٣) بناءً على ما ذكره الشهيد من أنّهما تدلّان على اعتبار التحميد بالفحوى.

والوجه في ذلك : أنّه حملهما على التقيّة كصاحب الحدائق (٤) ، فإذا كانت الوظيفة عند المانع الخارجي أعني التقيّة هو التحميد بدلاً عن التشهّد ، فمع المانع التكويني وهو عدم التمكن من التشهّد والعجز عنه لا بدّ وأن تكون الوظيفة هو ذلك بالأولويّة القطعية.

وفيه : مضافاً إلى ضعف الروايتين ، الاولى بسعد بن بكر ، والثانية بنفس بكر بن حبيب ، ما عرفته سابقاً (٥) من أنّ الروايتين ناظرتان إلى الأوراد المفصّلة المعمولة عندهم ، وأنّه يجزئ التحميد عن تلك الأوراد والأدعية ، لا أنّ التشهّد غير واجب ، وأنّ التحميد بدل عنه ، كيف ورواية حبيب ظاهرة في وجوبه حيث قال : «إذا جلس للتشهّد» ، والعامّة أيضاً لا يرون عدم وجوبه ليحمل ذلك على التقيّة ، فالروايتان قاصرتان سنداً ودلالةً عن إثبات التحميد.

__________________

(١) الذكرى ٣ : ٤١٣.

(٢) الوسائل ٦ : ٣٩٩ / أبواب التشهّد ب ٥ ح ٢.

(٣) الوسائل ٦ : ٣٩٩ / أبواب التشهّد ب ٥ ح ٣.

(٤) الحدائق ٨ : ٤٤٥.

(٥) في ص ٢٥١.

۵۵۳