والموجود في الوسائل الطبعة الحديثة وإن كان مشتملاً على التكرار ، إلّا أنّه يشكل الاعتماد عليه بعد ما سمعت ، فيظن أنّه زيادة من قلم النسّاخ ، ولا أقل من عدم العلم بالنسخة الصحيحة ، وهذا يستوجب قدحاً آخر في الصحيحة إذ لو كانت النسخة الأصلية خالية عن التكرار فلازمها جواز الاقتصار على العطف ولم يقل به أحد من فقهائنا ، إذ لم ينقل القول بجواز حذف لفظ الشهادة من الثانية عن أحد من الأصحاب عدا ما ينسب إلى العلّامة في القواعد (١) ، ولا ينبغي القول به ، فإنّ العاري عن التكرار شهادة واحدة متعلِّقة بأمرين لا شهادتان ، ولا شك في وجوب الشهادتين في التشهّد نصّاً وفتوى ، وقد نطقت جملة من النصوص بأنّ الواجب الشهادتان غير المنطبق على الشهادة الواحدة المتعلِّقة بأمرين قطعاً ، ولا يكاد يتحقّق إلّا بتكرار لفظ الشهادة والتلفظ بها مرّتين. إذن فالرواية ساقطة إذ لم يعمل بها أحد في موردها فلا بدّ من الحمل على التقيّة.

ثانيتهما : رواية إسحاق بن عمار الواردة في كيفية صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المعراج وفيها : «... ثمّ قال له ارفع رأسك ثبتك الله ، واشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّداً رسول الله إلى أن قال ففعل ...» إلخ (٢).

وفيه : مضافاً إلى ضعف السند كما لا يخفى ، أنّها قاصرة الدلالة ، إذ لم يذكر فيها أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله بأيّ صورة فعل وبأي كيفية أدّى الشهادتين ، بل غايتها أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله فعل ما أُمر به.

فتحصّل : أنّ شيئاً من هذه الروايات لا المطلقات ولا غيرها لا يمكن الاعتماد عليها في الاجتزاء بهذه الصورة ، فلم يبق في البين إلّا أصالة البراءة عن

__________________

(١) القواعد ١ : ٢٧٩.

(٢) الوسائل ٥ : ٤٦٨ / أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١١.

۵۵۳