ثانياً كما هو ظاهر ، وأمّا مع عدم التخلل ، فهل يكتفي بالسجدة الواحدة لدى تعدّد الأسباب؟
يبتني ذلك على أنّ مقتضى الأصل هل هو التداخل أو عدمه ، وحيث إنّ التداخل على خلاف الأصل ، لاقتضاء كل سبب مسببه ، فالمتعيِّن تكرار السجود في المقام بتكرّر سببه. نعم ، ثبت التداخل في باب الأغسال بالنص لقوله عليهالسلام : إذا كان لله عليك حقوق أجزأك عنها حق واحد (١). على أنّه يمكن استفادة الحكم في المقام من صحيحة محمّد بن مسلم : «عن الرجل يعلّم السورة من العزائم فتعاد عليه مراراً في المقعد الواحد ، قال : عليه أن يسجد كلّما سمعها» (٢) حيث دلّت على وجوب السجود لكل مرّة.
وعليه فمع تكرّر السبب سواء أكان من سنخ واحد أو سنخين يجب السجود لكل مرّة. هذا إذا كان التكرار في زمانين ، ويلحق بذلك ما لو كان التكرّر في زمان واحد مع الاختلاف في السنخ ، كما لو قرأها وسمعها من شخص آخر في تلك الحال ، لصدق تعدّد السبب المقتضي لتعدّد المسبب. وأمّا مع الاتِّحاد في السنخ مع وحدة الزمان ، كما لو سمعها من جماعة يقرءونها في آن واحد فقد حكم في المتن بالإلحاق أيضاً ، لكنّه مشكل جدّاً ، بل ممنوع ، إذ العبرة بالسماع لا بالمسموع ، وفي المقام لم يكن إلّا سماع واحد وإن كان المسموع متعدِّداً ، نظير النظر المتعلِّق بجماعة كثيرين فانّ النظر والإبصار لم يتعدّد ، وإنّما التعدّد في المنظور إليه ، فلم تجب عليه إلّا سجدة واحدة لوحدة السبب.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٦١ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ١ (نقل بالمضمون).
(٢) الوسائل ٦ : ٢٤٥ / أبواب قراءة القرآن ب ٤٥ ح ١.