من أجل النسيان ، إلّا أنّه مع ذلك نحكم بالوجوب لدى التذكّر لورود النص الخاص في المقام ، وهي صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال : «سألته عن الرجل يقرأ السجدة فينساها حتّى يركع ويسجد ، قال : يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم» (١). ويؤيِّدها ما رواه ابن إدريس في آخر السرائر نقلاً عن نوادر البزنطي عن محمّد بن مسلم أيضاً (٢) لكنّها ضعيفة السند ، لجهالة طريق الحلِّي إلى كتاب البزنطي كما مرّت الإشارة إليه قريباً. فمن أجل تلك الصحيحة يحكم ببقاء الأمر الأوّل ووجوب السجود متى تذكر.
وربّما يستدل للحكم بالاستصحاب.
وفيه أوّلاً : أنّه لا مجال للأصل بعد وجود الدليل كما عرفت.
وثانياً : أنّ الشبهة حكمية ولا نقول بجريان الاستصحاب فيها.
وثالثاً : أنّه لو تمّ فإنّما يسلّم في موارد العصيان دون النسيان ، لانقطاع التكليف وسقوط الأمر الأوّل قطعاً حتّى واقعاً ، فانّ التكاليف الواقعية مرفوعة عن الناسي ، ومن هنا ذكرنا في محلّه (٣) أنّ إسناد الرفع في حديث الرفع واقعي بالإضافة إلى الناسي والمكره والمضطر وظاهري بالنسبة إلى الجاهل. ومعه لا مجال للاستصحاب ، لعدم الشك في البقاء بعد القطع بالارتفاع ، فلو ثبت فهو تكليف جديد لا أنّه بقاء للتكليف السابق.
__________________
(١) الوسائل ٦ : ١٠٤ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٩ ح ١.
(٢) الوسائل ٦ : ٢٤٤ / أبواب قراءة القرآن ب ٤٤ ح ٢ ، السرائر ٣ (المستطرفات) : ٥٥٨.
(٣) مصباح الأُصول ٢ : ٢٦٥.