وهذه الدعوى لَئِن قُبِلت في تلك الحالات فهناك سبب خاصّ يقتضي رفضها في المقام ، وعدم إمكان افتراض علمٍ إجماليٍّ منجِّزٍ هنا ، وهو : أنّ التردّد بين الأقلّ والأكثر في المقام إنمّا يحصل للناسي بعد ارتفاع النسيان ، والمفروض أنّه قد أتى بالأقلِّ في حالةالنسيان ، وهذا يعني أنّه يحصل بعد امتثال أحد طرفيه ، فهو نظير أن تعلم إجمالاً بوجوب زيارة أحد الإمامين بعد أن تكون قد زرت أحدهما ، ومثل هذا العلم الإجمالي غير منجِّزٍ بلا شكٍّ ؛ حتّى لو كان التردّد فيه بين المتباينين فضلاً عمّا اذا كان بين الأقل والأكثر. وخلافاً لذلك حالات الدوران الاعتيادية ، فإنّ التردّد فيها يحصل قبل الإتيان بالأقلّ ، فاذا تشكّل منه علم إجمالي كان منجِّزاً.
ب ـ الشكّ في الإطلاق لحالة التعذّر
إذا كان الجزء جزءاً حتى في حالة التعذّر كان معنى ذلك أنّ العاجز عن الكلّ المشتمل عليه لا يطالب بالناقص ، وإذا كان الجزء جزءاً في حالة التمكّن فقط فهذا يعني أنّه في حالة العجز لا ضرر من نقصه ، وأنّ العاجز يطالب بالناقص.
والتعذّر تارةً يكون في جزءٍ من الوقت ، واخرى يستوعبه.
ففي الحالة الاولى يحصل للمكلف علم إمّا بوجوب الجامع بين الصلاة الناقصة حال العجز والصلاة التامة ، أو بوجوب الصلاة التامة عند ارتفاع العجز ؛ لأنّ جزئية المتعذّر إن كانت ساقطةً في حال التعذّر فالتكليف متعلّق بالجامع ، وإلاّ كان متعلقاً بالصلاة التامة عند ارتفاع التعذّر ، وتجري البراءة حنيئذٍ عن وجوب الزائد وفقاً لحالات الدوران بين الأقلّ والأكثر.
ويلاحظ : أنّ التردّد هنا بين الأقلّ والأكثر يحصل قبل الإتيان بالأقلّ ، خلافاً لحال الناسي ؛ لأنّ العاجز عن الجزء يلتفت إلى حاله حين العجز.