[ترتّب الحكم على ذوات الأجزاء :]
وأمّا النقطة الثانية : فقد ذكر المحقّق النائيني (١) رحمهالله : أنّ الموضوع تارةً يكون مركّباً من العرض ومحلّه ، كالإنسان العادل. واخرى مركّباً من عدم العرض ومحلّه ، كعدم القرشية والمرأة. وثالثةً مركّباً على نحوٍ آخر ، كالعرضين لمحلٍّ واحدٍ مثل الاجتهاد والعدالة في المفتي ، أو العرضين لمحلّين كموت الأب وإسلام الابن.
ففي الحالة الاولى يكون التقيّد مأخوذاً ؛ لأنّ العرض يلحظ بما هو وصف لمحلّه ومعروضه وحالة قائمة به ، فالاستصحاب يجري في نفس التقيّد إذا كان له حالة سابقة.
وفي الحالة الثانية يكون تقيّد المحلّ بعدم العرض مأخوذاً في الموضوع ؛ لأنّ عدم العرض إذا اخذ مع موضوع ذلك العرض لوحظ بما هو نعت ووصف له ، وهو ما يسمّى بالعدم النعتي تمييزاً له عن العدم المحمولي الذي يلاحظ فيه العدم بما هو.
ويترتّب على ذلك أنّ الاستصحاب إنمّا يجري في نفس التقيّد والعدم النعتي ؛ لأنّه الدخيل في موضوع الحكم ، فإذا لم يكن العدم النعتي واجداً لركني اليقين والشكّ وكان الركنان متوفّرَين في العدم المحمولي لم يجرِ استصحابه ؛ لأنّ العدم المحمولي لا أثرَ شرعيٌّ له بحسب الفرض.
ومن هنا ذهب المحقّق النائيني (٢) إلى عدم جريان استصحاب عدم العرض المتيقّن قبل وجود الموضوع ، ويسمّى باستصحاب العدم الأزلي ، فإذا شكّ في
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٥٠٤ ـ ٥٠٥.
(٢) المصدر السابق : ٥٠٧.