خلافها ، فإن قامت الحجّة على خلافها تبدّلت واستقرّ ما قامت عليه الحجّة.
وكلا هذين النحوين من التصويب باطل :
أمّا الأوّل فلشناعته ووضوح بطلانه ، حيث إنّ الأدلّة والحجج إنّما جاءت لتُخبرنا عن حكم الله وتحدّد موقفنا تجاهه ، فكيف نفترض أنّه لا حكم لله من حيث الأساس؟!
وأمّا الثاني فلأ نّه مخالف لظواهر الأدلّة ، ولِما دلّ على اشتراك الجاهل والعالم في الأحكام الواقعية.
الحكم الواقعي والظاهري :
ينقسم الحكم الشرعيّ ـ كما عرفنا سابقاً ـ إلى واقعيٍّ لم يؤخذ في موضوعه الشكّ ، وظاهريٍّ اخذ في موضوعه الشكّ في حكمٍ شرعيٍّ مسبق. وقد كنّا نقصد حتى الآن في حديثنا عن الحكم : الأحكام الواقعية.
وقد مرَّ بنا في الحلقة السابقة (١) أنّ مرحلة الثبوت للحكم ـ الحكم الواقعيّ ـ تشتمل على ثلاثة عناصر ، وهي : الملاك ، والإرادة ، والاعتبار. وقلنا : إنّ الاعتبار ليس عنصراً ضروريّاً ، بل يستخدم غالباً كعملٍ تنظيميٍّ وصياغي.
ونريد أن نشير الآن إلى حقيقة العنصر الثالث الذي يقوم الاعتبار بدور التعبير عنه غالباً.
وتوضيحه : أنّ المولى كما أنّ له حقَّ الطاعة على المكلّف فيما يريده منه كذلك له حقّ تحديد مركز حقّ الطاعة في حالات إرادته شيئاً من المكلّف ، فليس ضرورياً ـ إذا تمّ الملاك في شيءٍ وأراده المولى ـ أن يجعل نفس ذلك
__________________
(١) ضمن مباحث التمهيد ، تحت عنوان : مبادئ الحكم التكليفي.