الوجوب الغيري لمقدّمات الوَاجب
تعريف الواجب الغيري :
اتّضح ممّا تقدم (١) أنّ المكلّف مسؤول عن مقدمات الواجب من قبل نفس الوجوب المتعلّق به ؛ لأنّه يحرِّك نحوها تبعاً لتحريكه نحو متعلّقه. وهذه المسؤولية في حدودها العقلية متّفق عليها باعتبارها من شؤون حكم العقل بلزوم الامتثال ، وإنّما وقع الكلام في دعوى الوجوب الشرعي للمقدمة :
فالمشهور بين الاصوليّين هو : أنّ إيجاب الشيء يستلزم إيجاب مقدمته فتتّصف المقدّمة بوجوبٍ شرعي ، غير أنّه تبعي ؛ إمّا بمعنى أنّه معلول لوجوب ذي المقدمة ، أو بمعنى أنّ الوجوبين معاً معلولان للملاك القائم بذي المقدمة ، فهذا الملاك بنفسه يؤدّي إلى إيجاب ذي المقدمة نفسيّاً ، وبضمّ مقدّمية المقدّمة يؤدّي إلى إيجابها غيريّاً ، وعلى كلا الوجهين فالتلازم بين الوجوبين محفوظ.
ويعرِّف هؤلاء القائلون بالملازمةالواجب الغيري بأ نّه : ما وجب لغيره ، أو ما وجب لواجبٍ آخر. والواجب النفسيّ بأ نّه : ما وجب لنفسه ، أو ما وجب لا لواجبٍ آخر. وعلى هذا الأساس يصنِّفون الواجبات في الشريعة إلى قسمين : فالصلاة ، والصيام ، والحجّ ونحوها واجبات نفسية. والوضوء ، والغسل ، وطيّ المسافة واجبات غيرية.
وقد لوحظ عليهم : أنّ الصلاة ونحوها من الواجبات لم يوجبها الشارع إلاّ لِمَا يترتّب عليها من الفوائد والمصالح ، وهي مغايرة وجوداً لتلك الفوائد
__________________
(١) تحت عنوان : المسؤوليّة تجاه القيود والمقدّمات.